سمىر عبدالقادر ».. إن الطبيعة لتعتب اليوم علي الناس أن جعلوا من دنياهم الجميلة، هذا الجحيم!..« الاثنين: طال البرد قليلا.. ولكن الشمس أخذت تزداد دفئاً، والشجر تسري فيه الحياة، والصدور يتسرب اليها الأمل. إنه مطلع الربيع، تعود الطبيعة لتملأ الدنيا بهجة وسلاما، تختفي شهورا بنورها وزهرها وسناها، ثم تعود إلينا أكثر مما كانت بهجة وسناء، أن زهرة لم تتفتح كتاب لم يقرأ، وشجرة لم تورق قلب يعيش بلا أمل، وفي الربيع تتفتح الأزهار، وتورق الأشجار، تكشف القلوب أسرارها، وتداعب أحلامها.. اليوم تبتسم الطبيعة في وجه عالم عابس، تنشر ضياءها الساحر في كل مكان، فنسي في رحابها بعض آسانا، نغمض العين عن الدنيا التي صاغها الإنسان من الشر والحقد والشهوات والأنانية، ونفتحها علي الدنيا التي جملتها الطبيعة بالحب والصفاء.. من منا لم يلجأ إلي الطبيعة كي تعصمه من شرور نفسه، ومن شرور الناس، ولم يجد فيها وعندها كل العزاء وكل الهناء؟، من منا لم يشعر وهو في أحضانها أنه أقرب الي الله.. الي ملكوته ورحمته؟، من منا لم يشعر بالرهبة وهو ينظر الي القمر والنجوم، والأزهار والنسائم، ذلك الجمال الذي يتسامي مع النفس والوجدان. أن الطبيعة لتعتب اليوم علي الناس أن جعلوا من دنياهم الجميلة، هذا الجحيم، وتفتح أحضانها للمذنبين والضحايا علي السواء، تسألهم الرفق بأنفسهم وبها، وتسأل لهم من الله الرحمة والعزاء.. أين يارب يبدو النور في هذا الظلام، إن لم يكن في زهرة تبتسم أو في غصن يورق. هذه هي الحياة، إذا كان فيها الأسي، فإن فيها الأمل، وإذا كان فيها الحزن فإن فيها العزاء، واذا كان فيها البرد القارس فإن فيها الدفء والهناء، فإن مع كل ظلمة ينبثق نور، ومع كل شقاء يظل الأمل عزيزا في رحمة الله، فماذا يستطيع الربيع أن يفعل بالحزن الذي سكن القلب شهورا وسنوات فأصبح رفيقا له؟ ماذا يستطيع الربيع أن يفعل بالبيت الذي خلا من أنيسه؟ وللعروس التي فقدت فتي أحلامها؟ وللشاب الذي فقد عروس أحلامه؟ وللأب الذي أودع نور أمله التراب؟ إنه يستطيع أن يفعل الكثير، وهو رمز التجديد بعد الأفول، فهذه الأوراق التي تسقط مع البرد والصقيع، وهذه الأغصان التي تتجرد من خضرتها، فتصبح بين يوم وليلة كئيبة ذليله، ولكن سرعان ما تعود الي روعتها وسناها، فتجدد أوراقا بدل أوراق، وأغصانا بدل أغصان! النظافة.. قبل التنمية! الثلاثاء: قد يتعجب البعض اذا طالبت الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بأن يولي النظافة نفس القدر من الاهتمام الذي يوليه للتنمية الاقتصادية، فالنظافة والتنمية كلاهما مكمل للآخر.. بل إن النظافة ضرورية لدفع عجلة التنمية وتقدمها.. وإهمال النظافة يؤخر التنمية ويعوق سيرها. فالنظافة تساعد علي نمو الحركة السياحية وتنشيطها. واقبال السائحين علي زيارتنا دون خوف من الاصابة بالامراض الناتجة عن تلوث البيئة.. وفساد الهواء المحمل بالاتربة، وعادم السيارات والمصانع، ورائحة القمامة والصرف الصحي، وروث الحيوانات الضالة وغير الضالة.. ومنها قطعان الاغنام والماشية التي نشاهدها ونحن في عصر التكنولوجيا والاقمار الصناعية تتجول في أهم شوارع العاصمة يسوسها صبيان او فتيات يرتدين الملابس الرثة ويسيرون حفاة الاقدام... وما زلنا ايضا نري في قلب القاهرة عربات القمامة التي تجرها الحمير. وكنا نظن ان هذا المنظر قد اختفي الي الابد.. ولكنه- للاسف- مازال موجودا يعبر لكل من يراه من الاجانب عن احدي صور التخلف والتأخر التي تعيشها اكبر عاصمة في الشرق الاوسط. والشيء الغريب ان هناك قانونا يمنع سير الحيوانات والماشية في الشوارع الرئيسية ولكنه مثل غيره من قوانين النظافة غير مطبق ومجرد حبر علي ورق!.. واذا استطعنا ان نحقق المعجزة ونجعل بلادنا نظيفة.. واطمأن السائحون علي صحتهم.. وتأكدوا ان الطعام الذي تقدمه المطاعم والفنادق طعام صحي خال من التلوث.. وان مياه الشرب لا غبار عليها ولا ضرر من شربها.. فإنهم بلاشك سوف يتدفقون علي زيارتنا ومشاهدة اثارنا وتاريخنا العريق.. وبذلك تتضاعف مواردنا من السياحة.. وتزداد دخول العاملين في هذه الصناعة المهمة.. وتتوافر مئات الالوف من فرص العمل للشباب. ولكن كبلد متحضر نظيف يمكن الاقامة فيه باطمئنان ودون قلق علي الصحة.. ودون ان يضطر الزائر ان يحمل معه الادوية الضرورية لوقايته من الامراض وتطهير معدته كلما تناول طعاما أو شرابا!!. ونظافة الشارع وانضباطه في أي بلد في العالم هما المؤشر الذي يدل علي تقدم هذا البلد أو تخلفه.. فإذا كان الشارع نظيفا والمرور فيه منضبطا كان هذا دليلا علي وعي الشعب وتحضره واحترامه للقوانين.. واذا كان الشارع قذرا تسوده الفوضي دل هذا علي جهل الشعب وتخلفه واستهتاره بالنظم والقوانين. والمستثمر الاجنبي لا يروق له ان يستثمر امواله في بلد قوانينه غير محترمة.. والفوضي هي طبيعة الحياة فيه.. فإن هذا يعطيه انطباعا ان الغوغائية التي يراها في كل مكان لابد ان ينعكس اثرها علي قطاع الاستثمار والقوانين التي تنظمه.. مما يجعله يفكر في بلد آخر اكثر التزاما بتطبيق القوانين واحترامها. واكثر نظاما ووعيا ونظافة!. وقبل ان تضع الحكومة البرامج لرفع مستوي معيشة الشعب.. عليها أولا ان تعلمه كيف يحافظ علي نظافة البيئة.. وان تنشر الوعي بين افراده.. وأن يكون لها المبادرة في تنظيف الشوارع والاهتمام برفع القمامة واصلاح الحفر والمطلبات والمستنقعات التي تحاصر المناطق الشعبية والعشوائية.. وليس من الضروري رصف الشوارع بالكامل، ما دامت الاعتمادات غير متوافرة.. ولكن الملاحظ ان رؤساء الاحياء يتقاعسون حتي عن القيام بالاصلاحات البسيطة التي لا تحتاج سوي تكاليف زهيدة!! ما أراه في الصحافة المصرية الأربعاء: ما يسعدني حقا هو ما أراه من تقدم كبير في الصحافة المصرية، وقفزات الي الامام بخطوات واسعة، ومحاولات مخلصة وجادة للحاق بالصحافة العالمية، بل والتفوق عليها، وفي سبيل ذلك تستعين كبري الدور الصحفية بأحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في عالم الطباعة، وأمامنا الان اكبر دليل علي ذلك، وهو تلك النهضة التي تقودها دار »أخبار اليوم« سواء في مجال الطباعة أو الاصدارات الجديدة علي ايدي قيادات من الشباب اثبتوا كفاءتهم وقدرتهم وتميزهم.. وبقدر ما تسعدني هذه النهضة في الصحافة، بقدر ما تحزنني تلك المحاولات غير الشريفة التي تمارسها بعض الصحف لكسب اكبر عدد من القراء بغض النظر عن احترام المباديء والتمسك بالمثل فقد اصبحت الاثارة ونشر الفضائح والصور العارية بعض ادوات كسب القراء.. وكذلك عدم تحري الدقة والامانة في عرض الاخبار ونقلها، وعدم التفريق بين ما يجوز نشره وما لا يجوز، وما هو في صالح الوطن أو في غير صالحه.. كل هذا أوشك ان يكون من القواعد المتعارف عليها. ومما يثير الاسف الشديد في نفسي ان الاقلام لم تعد في بعض الايدي اكثر من ادوات لكسب الرزق.. والانتفاع باكبر قدر من الغنائم.. فلا ضير في ان يؤيد الكاتب اليوم ما استنكره بالامس في سبيل تحقيق مصلحة شخصية أو غرض خاص!. قال لي احد اصدقائي الصحفيين عندما عاتبته لنشره صورا لا يجوز نشرها.. القراء عايزين كده!! وهذا في رأيي اخطر ما يمكن ان تقع فيه صحافة محترمة، فالصحافة المحترمة ليست مطالبة بأن تنشر ما يرضي الغرائز في قرائها.. ولكنها مطالبة بأن تتسامي بهذه الغرائز.. وتفتح لهم افاقا من المعرفة والخلق الكريم والتفكير السليم ولا ينبغي ان ننسي نحن الصحفيين ان ألوفا من قرائنا من انصاف المتعلمين، وان عددا كبيرا منهم لا يقرأ سوي الصحف والمجلات. وهي وحدها مصدر ثقافتهم، ان صحافتنا سائرة في طريق مجدها ونفوذها ما في ذلك شك. ولكنها لن تصبح قوية السلطان حقا الا اذا اعتمدت علي مثل ومباديء وتقاليد يحميها ويحصنها الخلق الكريم والادراك السليم. ان الصحفي والاعلامي الشريف هو الذي يكتب ما يعتقد، ويربأ بقلمه ان يكون سلعة تشتري وتباع، وان يعف عن تملق عواطف الجماهير، فلا ينبغي ان ينزل الي مستواهم، ولكن ينبغي عليه رفعهم الي مستواه.. لقد قال نابليون بونابرت »إنني أتوجس خيفة من ثلاث صحف أكثر مما اتوجس خيفة من مائة ألف مقاتل«.. والصحف التي كان يقصدها نابليون هي الصحف الوطنية الشريفة التي تدافع عن قضايا الوطن وتحرص علي مصالحه وليست صحف الفضائح التي قد يشتريها القاريء بدافع الفضول كما يشتري السلعة الرخيصة ثم يلقي بها في المهملات. الزوج المخدوع الخميس: هو: هل أنت سعيدة في زواجك؟ هي: ليس الزواج الذي كنت أتمناه!! هو: زوجك لا يستحقك، أنت انسانة رقيقة فاتنة، وزوجك رجل جاف خشن.. لا خبرة له بالمرأة، ولا يعرف كيف يعاملها!! هي: هل نسيت أنه صديق عمرك. هو: »متجاهلا كلامها« أنني حزين من أجلك! هي: ولكني راضية بحياتي، ولم أشك لك! هو: لقد قلت إنك لست سعيدة معه! هي: ومع ذلك فإنني احبه، إن السعادة شيء، والحب شيء آخر!! هو: أنت تغلقين باب الأمل في وجهي! هي: »في دهشة« أي أمل؟ هو: كنت ألمح في نظراتك لي بريقا من الإعجاب!! هي: نظراتي لك لم تخرج ابدا عن الاحترام والاعزاز! هو: يبدو أنني أخطأت! هي: هل كل نظرة تحمل الاحترام، تراها غزلا رخيصا!! هو: لم استطع ان اقاوم سحر عينيك. فاعذريني! هي: الأحري بك أن تقول هذا الكلام لزوجتك.. وليس لزوجة صديقك!! هو: انني أعيش مع زوجتي مكرها، إنها تثير اعصابي، ولا تجلب لي سوي النكد!! هي: ما أعرفه أنك تزوجتها عن حب! هو: كنت صغير السن طائشا.. لا أعرف شيئا عن المرأة!! هي: اذا كنت لا تطيق الحياة مع زوجتك فلماذا لا تطلقها؟ هو: التقاليد تمنعني! هي: هذه مشكلتك ولا شأن لي بها!! هو: كنت أنت الأمل الوحيد في حياتي.. ولكنه تحطم الان!!. هي: لقد فتح لك زوجي بيته، وائتمنك علي عرضه، ولكنك للاسف تحاول خيانته!! وهنا دخل زوجها وأخذ يرحب بصديقه، ثم نظر اليها وقال.. أنت لا تعرفين عمق الصداقة التي بيننا، إنني لم اعرف في كل اصدقائي صديقا في مثل اخلاصه وأمانته!