بات التعليم الاستكشافي ضرورة استراتيجية ملحة لبناء الجيل المبتكر الخلاق إذا كنا نريد اللحاق بركب الحضارة والتقدم حيث تعتمد كثيرًا من الدول المتقدمة علي هذا النوع من التعليم الذي يتضمن ثلاث مستويات المستوي الأول وهو يتضمن الأنشطة الاستكشافية العامة وهي تلك الأنشطة والخبرات التي تقدم للتلاميذ في المجالات المختلفة بهدف استثارة اهتمامهم ورغباتهم، وتتيح لهم الفرص لاختيار ما يتناسب معهم . كما يشمل تشجيع التلاميذ علي توسيع نطاق اهتماماتهم باستكشاف مجالات لم يتسن لهم أن طرقوها من قبل وليس لديهم خبرة سابقة بها. ومثل هذه الجولات الميدانية تعد مصادر إثراء قيمية ومعلوماتية لابد من توفيرها لجميع التلاميذ . حيث تتضمن الخبرة المتحفية البسيطة النظر في أشياء ذات اهتمام عام لجميع التلاميذ بينما الخبرات المتصاعدة تمنح الفرص للبحث المتمعن والمشاركة الفاعلة فيما يدور من أحداث وعروض . ويمكن تنمية هذه الخبرات بالنسبة للتلاميذ عن طريق منحهم فرصًا للتعامل مع الطبيعة لمشاهدة المتخصصين وهم يطبقون أعمالهم الميدانية، مما يؤدي إلي تعزيز ما لديهم من معرفة نظرية لمجال أو تخصص معين والمستوي الثاني لهذا النوع من التعليم يتضمن أنشطة تدريب فردية أو جماعية أي أن هذا المستوي يتضمن تعريض التلاميذ للخبرات والأنشطة وبرامج التدريب . ويتكون هذا النوع من الطرق والمواد والأساليب التعليمية المعنية بصورة رئيسية بتطوير التفكير وعمليات الشعور، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتفكير التأملي والتدريب علي الاستفسار والتفكير التباعدي وتدريب الحساسية للمشكلات وتنمية الوعي والمدارك والتفكير الابتكاري والطريقة المثلي لفهم طبيعة هذا النوع من الأنشطة هو مقارنتها بالمواقف التعليمية والتي يكون الهدف الرئيسي منها هو زيادة المخزون المعلوماتي لدي المتعلم في اتجاه معين . ومثل هذه المعلومات قد تأخذ أشكالاً عديدة ولكن الخاصية المهمة لتعلم المحتوي هو أن التركيز الرئيسي يهتم بمقدار الاستيعاب أو النتائج وسواءً كانت هذه النتائج حقائق أو مبادئ أو تعميمات . ويختلف هدف إثراء النوع الثاني في أنه يقوم بتطوير العمليات العقلية لدي المتعلم والتي تمكنه من التعامل بصورة فعالة مع المضمون والمحتوي، وفي ظل عالم يتغير بإيقاع متسارع للغاية، وحيث المعرفة التي تحرز خطوات واسعة بشكل مذهل، فإن التدريب علي عمليات التفكير الابتكاري والنقدي والإحساس بالمشكلات سوف تعد التلاميذ بشكل أفضل لمواجهة التحديات ومواقف حياتية وخاصة المواقف التي يتعذر فيها علي التلاميذ أن يعتمدوا علي ذاكرتهم أو عندما لا تكون هناك بالضرورة إجابات سابقة التحديد للمشكلات التي يتم مواجهتها لأول مرة . وباختصار فإن تجارب النوع الثاني تعد مكونًا شديد الأهمية من نموذج الإثراء الكلي، ومع ذلك فهناك نقطة مهمة لابد من مراعاتها في استخدام هذه المواد واستراتيجيات التعليم، وهي أن التجارب لابد أن يتم اختيارها بعناية فائقة، بحيث تمثل التطور المنطقي لاهتمامات التلميذ، وذلك بدلاً من مجرد المشاركة العشوائية فيما تصادف توافره أو ما يصادف ميل المعلم له دون مراعاة للميول الفعلية للتلميذ، والأنشطة المختارة بقصد في إثراء النوع الثاني تستطيع أن تساعد في "ربط" المكونين الآخرين لنموذج الإثراء ومن ثم تقدم منطقًا يسهل الدفاع عنه لاستخدام هذه الأنشطة . والمستوي الثالث لهذا النوع من التعليم يتضمن بحث الفرد أو الجماعة الصغيرة لمشكلات حقيقية وتشمل الأنشطة التي توضح الإنتاج الفعلي للتلاميذ الموهوبين حيث أصبحوا باحثين أو مكتشفين بالفعل لمشكلات أو موضوعات حقيقية أو واقعية باستخدام طرق البحث المناسبة، والمكتشف أو الباحث فرد يحاول تقديم معلومات أو أفكار أو نواتج جديدة في مجال معين .. ومن المهم عند هذا الحد أن نميز بين الباحث الذي ينفذ الأبحاث وبين الأشخاص الذين يتم وصفهم بمستهلكي المعلومات، لكونهم يستخدمون المعلومات المتراكمة دون الإسهام في زيادة أو إضافة معلومات جديدة في مجال دراسته، ولكي يتسني للتلميذ أن يصبح باحثًا أي منتجًا للمعلومات وليس مستهلكًا لها فإن تركيز مجهوداته يجب أن يتحول من وضع المستهلك للمعلومات إلي المنتج لها. وحتي يتمكن المعلمون من تنفيذ ذلك نوصي بضرورة شعور التلاميذ بالحرية في بيئة تعليمية مفتوحة مع إمكانية متابعة كل تلميذ لميوله واهتماماته، ولا بد أن يهتم المعلم بالتنمية المتكاملة لكل الإمكانيات المعرفية والوجدانية والسلوكية للتلاميذ، ويجب علي المعلم مساعدة التلاميذ الصغار علي التعبير عن ميولهم والتمسك بها حتي يتحقق النمو السوي لهم، ولا بد من تشجيع التلاميذ علي البحث والاستقصاء وجمع المعلومات بأنفسهم، وعلي المعلم مساعدة التلاميذ علي التعرف علي المشكلات وتحديدها، تلك التي تتسق مع اهتماماتهم وميولهم، ولا بد أن يكون المناخ العام للتعلم مناخًا علميًا أقرب ما يكون إلي جو المختبرات العلمية، وعلي المعلم أن ينمي القدرات الابتكارية لدي التلميذ من خلال النشاط الذاتي التلقائي، واستخدام استراتيجيات التدريس التي تعتمد علي الاكتشاف واللعب وإجراء التجارب العلمية وتناول الأشياء والأدوات في البيئة واستخدامها للتوصل إلي المعارف واكتساب المهارات والاتجاهات.