لابد اذن من تقديم تنازلات من كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في المفاوضات المباشرة إذا كانا يرغبان حقا في تجاوز الألغام الكامنة علي الطريق الطويل والتوصل الي حلول للمشاكل المزمنة »الحدود والقدس والاستيطان و....« ولابد بالفعل من اتخاذ قرارات صعبة من جانب الحكومة الإسرائيلية وأيضا السلطة الفلسطينية اذا كانتا تريدان التقدم نحو السلام النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانهاء الصراع القائم.. ومن جانب إسرائيل فإنه يتحتم علي نتنياهو تمديد تجميد الاستيطان لفترة أخري اذا كان يسعي لاستمرار المفاوضات مع محمود عباس والاستجابة للمطلب الأمريكي.. وعلي حد تعبير الرئيس مبارك: إنها فرصة تاريخية قد لا تعود مرة أخري.. والسلام في حاجة لزعماء قادرين علي اتخاذ القرار الصعب في الوقت المناسب، مثل السادات وبيجين ورابين الذين اتخذوا قرارات صعبة جدا..! وأتوقف امام نقاط مهمة في حديث مبارك مع التليفزيون الإسرائيلي: - إنه لمس احساس نتنياهو ومحمود عباس »أبومازن« وكلاهما يريد السلام ولكن هناك قرارات صعبة لابدمن اتخاذها. - أن يهودية إسرائيل تضعونها كشرط.. فلماذا لا نقول دولة إسرائيل لكي لا تتعقد الأمور ونعطي أملا للعيش في سلام. - أن بناء الثقة من جديد بين الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني يكون بالتفاوض وبالأمل بأن هناك مجالا للحل..! ويبدو ان ما كان يرفضه اليمين الإسرائيلي في المفاوضات السابقة - مثل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس - اخذ يتجه إلي الواقع والتعايش مع الفلسطينيين في دولتين متجاورتين، ولذا فإن الطريق الذي تمضي عليه المفاوضات المباشرة ليس مفتوحا بلا خلافات ومعوقات ولكنه يحتاج إلي الصبر والتفهم من الجانبين وتقديم التنازلات الصعبة..! ويتضح هذا التغير في المواقف الإسرائيلية من خلال ما طرحه إيهود باراك - وزير الدفاع وزعيم حزب العمل - من موافقة علي قيام الدولة الفلسطينية قبل بدء المفاوضات المباشرة، وفي الاجتماع الذي عقده مع محمود عباس »أبومازن« في القدس.. وكذلك فإن نتنياهو من جانبه يوافق علي حل دولتين لشعبين وليس دولة واحدة وهي إسرائيل! علي الجانب الآخر فإن المفاوضات المباشرة تواجه معارضة حركة حماس ورفض الفضائل الفلسطينية الأخري لها، وتري ان محمود عباس ليس مفوضا من الشعب الفلسطيني بإجراء هذه المفاوضات وباعتبار ان مدة ولايته قد انتهت ولم يعد رئيسا للسلطة الوطنية وبالتالي فإنه لا يمثل الفلسطينيين في التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وذلك يضعف موقف المفاوض الفلسطيني.. وإذن من يملك تقديم تنازلات أو طرح حلول؟ ولذا صار من الضروري إنهاء الخلافات الفلسطينية ووضع حد للانقسام - بين حماس وفتح والسلطة - الذي يهدد بإفشال الحلول التي قد يتوصل اليها محمود عباس في مفاوضاته مع نتنياهو بالنسبة لقيام الدولة الفلسطينية.. فإن بقاء حال الإنقسام ووجود حكومتين - في غزة وفي الضفة الغربية - يضع عقبات امام المفاوض الفلسطيني ولا يستفيد من ذلك غير اليمين المتطرف الإسرائيلي مثل ليبرمان - وزير الخارجية - وحزبه »اسرائيل بيتنا«! ورغم ان محمود عباس »ابومازن« أكد: أنه لن يتنازل في المفاوضات عن الثوابت الفلسطينية للتوصل إلي اتفاق سلام وإن طلبوا منه تنازلات عن حق اللاجئين وعن حدود 76 فإنه سيرحل! لابد إذن من قرارات صعبة مثل ما فعل الرئيس السادات ومناحم بيجين في مفاوضات كامب ديفيد وتقدم الرجلان بشجاعة علي طريق السلام رغم الصعاب والألغام والرواسب - ومنها مثلا مستوطنة ياميت في سيناء التي أصر السادات علي عدم بقائها وقام شارون بإزالتها! إنها الفرصة السانحة ولن تتكرر جهود الرئيس أوباما مرة أخري!