بعد إغلاق باب الترشح لرئاسة الجمهورية بعد ظهر الأحد الماضي.. دار حوار بيني وبين ابنتي »آية« الطالبة الجامعية.. سألتني: بعد ان تحدد عدد المرشحين بثلاثة وعشرين مرشحا يمثلون مختلف التيارات والاحزاب السياسية.. من تختار من بينهم ليكون رئيسنا القادم؟ قلت لها لا تتعجلي فهناك مرحلة الطعون والتنازلات والانسحابات من المرشحين الاحتياطيين.. وقد ينخفض العدد الحالي إلي النصف أو أكثر قليلا وربما أقل قليلا.. وقتها ننظر من نختار.. ونفاضل بين البرامج التي يطرحها كل منهم. قالت: معني هذا انك لم تكوّن رأيا حتي الآن.. وإذا كنت أنت لم تكوّن رأيا في المرشح الذي سنختاره فماذا ننتظر من البسطاء من أبناء شعبنا الطيب الذين تؤثر فيهم »الكلمة الحلوة«.. والشنطة التي تحتوي علي بعض المواد الغذائية.. وغيرها من أساليب الدعاية المختلفة التي يلجأ إليها المرشحون والمسئولون عن حملاتهم. قلت لها: لقد قرأت عن صفة الإمام العادل وسأمنح صوتي لمن أشعر أن فيه 01٪ من هذه الصفات التي أرسل بها الحسن بن أبي الحسن البصري إلي الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز.. وعندها سأكون مرتاح الضمير. قالت: وما هي يا أبي: قلت: سأقول لك بعضها.. وهي: ان الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل وقصد كل حائر وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونُصفة كل مظلوم وهو كالراعي الشفيق علي إبله، الرفيق بها.. الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويزودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكفها من أذي الحر والقر.. وهو كالأب الحاني علي ولده.. يسعي لهم صغارا، ويعلمهم كبارا، يكسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد مماته.. وكالأم الشفيقة البرة الرقيقة بولدها، حملته كرها ووضعته كرها، وربته طفلا تسهر بسهره، تقرح بعافيته، وتغتم بشكايته. وهو يا بنيتي: وصي اليتامي، وخازن المساكين، وهو كالقلب بين الجوارح تصلح بصلاحه وتفسد بفساده.. وهو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلي الله ويريهم، وينقاد الي الله ويقودهم. وكما قال الحسن لخامس الخلفاء الراشدين: »لا تكن يا أمير المؤمنين كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله. ولابد ان يتذكر يا بنيتي لحظة إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور، عندها ستكون الاسرار ظاهرة والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وأقول يا بنيتي لكل من تقدم لهذا المنصب وصية الحسن: انت في مهل قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل، فلا يغرنك الذين ينعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك.. ولا تنظر قدرتك اليوم ولكن انظر إلي قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحي القيوم. قالت ابنتي: اعتقد يا أبي انك تبحث بين المرشحين عن سراب فكل منهم يبغي الكرسي والمنصب، ولا يأبه بما سوف يواجهه غدا.. ولهذا أرجو ان تخفف من الشروط كثيرا فعهد عمر بن عبدالعزيز قد ولي.. فليس من بين مرشحينا من هو في ورعه وعدله.. وليس في شعبنا من هم مثل السلف الصالح الذين عاشوا في عهده.