العدد الأخير من مجلة »فصول« نقطة مهمة في مسار الصحافة الثقافية المصرية، ومحطة بارزة في تاريخ المجلة التي صدرت في مطلع الثمانينيات كمنبر للنقد وتعاقب علي رأسة تحريرها أساتذة كبار آخرهم محمد بدوي الشاعر والأكاديمي والمناضل أيضا، لأول مرة أحرص علي قراءة المجلة الفصلية الضخمة من الغلاف إلي الغلاف، الدراسات شديدة الصلة بالواقع، والأهم انه معبر عن الرؤية الجديدة للثورة. وتلك هي المرة الثانية التي أتوقف فيها أمام مطبوعة جديدة تعبر عن الأثر الثقافي والروحي لثورة يناير، أعني جريدة »ميدان مصر« والتي سأعود إليها مفصلا، لكم تمنيت لو ان المساحة تسمح حتي أعيد نشر بعض ما جاء فيها مكتملا. ملفان رئيسيان، الأول عن الثورة، والثاني عن نجيب محفوظ. في الأول نقرأ دراسة رصينة للدكتور نبيل عبدالفتاح يقدم خلالها رؤية للحدث الثوري علي أساس دراسة الثوري والرمزي والواقعي، ويعتبر الباحث ما جري انتفاضة ديمقراطية ثورية. أما وليد الحمامصي فيفحص أساليب الثوار في استخدام الوسائط الرقمية الحديثة كسلاح ثوري في مواجهة دولة الاستبداد حتي ان البعض أطلق عليها »ثورة رقمية« و»ثورة المهندسين« ويقدم تفاصيل ما حدث عندما قطع النظام خدمات المحمول والإنترنت، ويحلل سعيد الوكيل المظاهرات ضد النظام باعتبارها نصوصا، مسموعة ومرئية ومقروءة. أما أشرف الشريف فيقدم تحليلا علميا لظاهرة شباب الالتراس، وعندما بدأت الثورة اكتشف الجميع ان الجماعة الوحيدة المنظمة التي لديها خبرة الكر والفر في قتال قوات الأمن المركزي من خلال مواجهاتهم السابقة في الملاعب، أصبح الالتراس مفاجأة الثورة ومازالوا. الدراسة تقدم تحليلا علميا للظاهرة. ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير تضم شهادات ودراسات جديدة كلها في تناولها، وتجسد أول تبلور حقيقي للمفاهيم الجديدة التي تطرحها رؤي الثورة. من الدراسات المهمة أتوقف أمام اثنتين، دراسة حول الشهيدة سالي زهران والأخري حول الداعية السلفي أبواسحق الحويني.