إبراهيم سعده علي النقيض من الجمهورية الرئاسية، فإن الرئيس في الجمهورية البرلمانية لا يملك صلاحيات تنفيذية واسعة، حيث تكون هذه الصلاحيات تختلف من بلد إلي بلد بأيدي رئيس الحكومة، التي تختارها الأغلبية البرلمانية. وهو ما يعني التداخل بين السلطات وإسقاط مبدأ الفصل بينها خاصة في بعض الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني رغم أنها تمنع تعدد الأحزاب وتكتفي بالحزب الواحد الذي يهيمن علي كل السلطات "سداحا مداحاً "وأبرز تلك الدول: الصين، إريتريا، كوريا الشمالية، لاوس، سوريا، فيتنام. أما الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني الديمقراطي الحقيقي فإن شعوبها هي التي تختار "الأغلبية البرلمانية" من بين الأحزاب السياسية التي تتفاوت برامجها وأهدافها ووعودها من أقصي الشمال إلي أقصي اليمين مروراً علي الوسط بين الأقصيين. وهذا ما نراه في دول مثل: ألمانيا، فنلندا، سويسرا، استونيا، النمسا، التشيك، اليونان، المجر، ايسلندا، الهند، ايرلندا، لبنان، إسرائيل، إيطاليا، البرتغال، أثيوبيا، ألبانيا. ورداً علي ما كتبته خلال الأيام الماضية تلقيت رسالة مهمة من الأستاذ الدكتور محمد سعد زغلول سالم، جاء فيها: [تعليقاً علي ما تقومون سيادتكم بعرضه من آراءٍ خاصة بنُظُم الحكم المختلفة المُقترَحةَ لاتباع أَحَدِها في مصر في المرحلة المقبلة والتي لا تخرج في رأي الخبراء والسياسيين والمحللين الاستراتيجيين والنشطاء السياسيين والدستوريين .. الخ .. عن النظام الرئاسي والنظام البرلماني والنظام المختلط أو شبه البرلماني أو البرلماني / الرئاسي فإنني أشعر باستغرابٍ شديد لما يشوبُ هذا الرأي من قصورٍ معيب في الشكل وفي المضمون علي حدٍ سواء]. وتفسيراً لهذا الرأي أضاف دكتور سالم قائلاً: [إن نظام الحكم السديد يجب أن يقوم أولاً علي تحديد جميع السلطات الأساسية الضرورية والفاعلة التي لا يمكن لأي دولة النشوء أو الاستقرار أو الاستمرار بدونها. ويستتبع هذا التحديد تنظيم واجبات كل سلطةٍ من هذه السلطات أو ما نسميه تحديد الاختصاصات الدستورية لها. ويكشف القليلُ من التفكير أن مفهوم قيام أنظمة الحكم في الدولة علي سلطات ثلاث هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، هو مفهوم قاصر وخاطئ ومعيب حيث إنه يهمل ويتجاهل في رأيي ست سلطاتٍ أخري لا يتحقق بغيرها مجتمعة، أو منفردة، استمرار الدولة. فهناك سلطة قيادية يمثلها رئيسُ الدولة. وهناك سلطة أمنية تحفظ أمن الوطن ووحدته وسلامة أراضيه وتمثلها المؤسسة العسكرية. وهناك سلطة مالية تشرف علي جميع النواحي المالية للدولة والتي لا قيام لأي نظام اقتصادي يشكل العمود الفقري للدولة بدونها. وهناك سلطة رقابية مالية وإدارية رسمية ودائمة تضمن كفاءة الأداء الوظيفي وأمانة التصرف في أموال الدولة العامة وذلك خلاف السلطة الرقابية الشعبية المؤقتة التي يمثلها مجلس الشعب. وهناك أخيراً سلطة إعلامية تضمن حق جميع المواطنين في معرفة جميع ما يجري في وطنهم وهو حق لهم لا يجب السماح بأي انتقاص منه، أو افتئاتٍ عليه]. وبعد أن حدد د. محمد سعد زغلول سالم السلطات الست التي لا نشير إليها اكتفاءً بالثلاث سلطات الرئيسة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية أكد علي أهمية كل هذه السلطات وعدم تجاهل بعضها أو الانتقاص من واحدة منها، قائلاً: [ إن التحديد الواضح والصريح لجميع هذه السلطات التِسْع، وتحديد اختصاصاتها وواجباتها والنص علي ذلك في الدستور، هو ضمانة لا غِني عنها لتحقيق الاستقرار المطلوب لأي وطن بتلافي أي نزاعاتٍ علي السُلطة فيما بينها تتسبب في مزيدٍ من المفاسد والخسائر.. وهو ما نشهده علي ساحة وطننا المنكوب في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه]. .. وأواصل غداً.