"عندما يتعلق الأمر بغذاء الشعب، فإن تدخل السلطة التنفيذية من خلال وضع سياسات وتنفيذ استراتيجيات ذات أهداف محددة، ثم متابعة تقويم آثارها وتصحيحها - إذا ما استلزم الأمر- يصبح أمرا واجبا وليس اختياريا مطروحا، علي حين أن ترك الأمر عرضة بالكامل لخطر الأزمات الخارجية أو تحت رحمة معاييرقوي السوق في الداخل يمثل انتهاكا صريحا لمحور أساسي للعقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين والذي يتعلق بضمان حق إنساني أساسي .. هو الحق في الغذاء" !. هذه العبارة الصارمة ليست صادرة عني إنما هي بالفعل صادرة عن مركز العقد الاجتماعي في مصر، والذي تأسس عام 2007 بناء علي اتفاقية تعاون مشترك بين مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP وبحيث يشكل منتدي استشاريا للسياسات العامة التي تتوجه نحو الحد من الفقر،ويتبني أجندة اجتماعية جريئة وواقعية هدفها الأساسي ضمان توافرالحد الأدني من الحياة الكريمة لكل مواطن مصري .. لذا فإن هذا هو مادعا المركز كما أكدت د.سحر الطويلة مديرته إلي التدخل بجدية في الحوار المتعلق بأزمة القمح من خلال طرح رؤيته تحت عنوان "دور السياسات العامة في مواجهة الأزمات العالمية - السياسة الزراعية "جاء فيها أن مصر هي الدولة الثانية في العالم المستوردة للقمح والدولة الخامسة في استيراد الذرة،والدولة الرابعة في استيراد الزيوت النباتية، ومع ارتفاع الأسعار العالمية،وارتفاع الأسعار المزرعية للسلع الغذائية في مصر، فقد ترتب علي هذا زيادة دخول منتجي كل السلع الغذائية في عام 2007 وبصفة خاصة منتجي القمح (4.230 مليار جنيه ) علي حساب المواطن بعد أن ارتفع بالفعل سعر القمح في مصر بنسبة 2.421٪ والذرة 113٪ . ومن ناحية أخري ذكرت الدراسة أن خبراء المكتب الزراعي بالسفارة المصرية بواشنطن توقعوا أن المشكلة لن تقف فقط عند حد ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميا بل أيضا فإن الأعوام القادمة ستشهد قلة وجود هذه السلع نتيجة ازدياد الطلب عليها عالميا لإنتاج الوقود الحيوي لخفض الاعتماد علي البترول ! ومعني هذا أن دعم حق المواطن المصري في الحصول علي الغذاء يتطلب إحداث تغييرات كثيرة في أهداف وبرامج السياسة الزراعية والمائية الحالية في مصر لزيادة الإنتاج الزراعي من نفس المواد المتاحة، وتخفيض حجم فجوة الغذاء إلي أقل مايمكن وتقليل الاعتماد علي السوق العالمي إلي أضيق الحدود خلال السنوات القادمة.. وقد اقترح مركز العقد الاجتماعي عدة أهداف وبرامج لتفعيل هذه السياسات تستطيع مجتمعة زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الغذائية الرئيسية ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح إلي 72.5٪ومن الذرة إلي 94.5٪ والأرز 157.6٪ والفول البلدي 91.3٪ والسكر 100٪ والزيوت النباتية 15.8٪ في عام 2010.. أما كيف يتحقق هذا الإنجاز؟ وما التمويل اللازم له؟ وما السياسات والبرامج التي اقترحها مركز العقد الاجتماعي ؟ فإن هذا ماسأتناوله بإذن الله في المقال القادم . مسك الكلام .. من يزرع قوت يومه يُثبّت جذور كرامته في تربة الوطن.