الحقيقة لا تقتصر علي جانب واحد دون غيره وذلك بسبب واضح وبسيط يؤكد ان كل شيء حولنا حقيقي، وبالتالي لا يمكن أبدا ان نغفله ونسقطه من الحسبان، وفي هذا المعني وذلك المفهوم الواضح والمنطقي فان الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الإنسان، أو المجتمع، أو الدولة، أو حتي الأمة بأكملها.. يتمثل في الميل إلي التركيز علي هذا الجانب أو ذاك، ومن ثم تفلت منا وتنساب حقائق كثيرة لابد من ادراكها إذا ما أردنا ادراك الصورة كاملة، وواضحة، وناطقة بحقيقة الأوضاع والأمور! وإذا ما طبقنا هذا المفهوم الذي تلتزم به المجتمعات المتحضرة والدول المتقدمة -إذا ما طبقنا هذا المفهوم علي عملية السلام في الشرق الأوسط الذي شهدت مدينة شرم الشيخ أمس الأول آخر حلقاته وتطوراته التي تدور وتحوم علي مدي أكثر من ثلاثين عاما فضحت كل تناقضات وسلبيات الاقليم الذي تنتمي اليه. إذا ما فعلنا ذلك فان الحقائق السائدة في المنطقة، والصورة الكاملة والشاملة، تؤكد ان السلام قائم وحقيقة واقعة وسائدة منذ اليوم الذي اتخذت فيه مصر هذا القرار التاريخي والاستراتيجي وان كل ما عدا ذلك هو مؤامرات، ومكائد، وعبث ومضيعة للوقت والحقوق.. وترسيخ غبي لمكاسب اسرائيل! ومن هنا نستطيع ان ندرك أسباب عدم اكتراث اسرائيل بتحقيق السلام الذي كانت تحلم به وتزايد به علينا امام المجتمع الدولي، وبالتالي نستطيع ان نفهم أسباب رفض بعض الدوائر العربية والاقليمية لعملية السلام، والتي لا تخرج عن احتمالين لا ثالث لهما: - إما انها أطراف مستفيدة من عدم استقرار المنطقة وتستغل هذا الواقع في تحقيق أهداف خاصة بها وحدها »مثل إيران ومن يقفون وراءها«. - أو انها أطراف عميلة تعمل في خدمة المصالح الاسرائيلية وحدها. وهذه للأسف هي الصورة المخزية التي سنحصل عليها إذا ما طبقنا ذلك المفهوم الذي ذكرناه في بداية هذا المقال، وإذا ما تجنبنا خطأ التركيز علي جانب واحد من الحقيقة متجاهلين باقي الحقائق حولنا!