كلما تم تطوير واحدة من المناطق العشوائية التي تحيط بقاهرة المعز وجدت نفسي أردد تلقائيا الحمد لله. ان هذه المناطق بأوضاعها الحياتية المتردية تعد قنابل موقوتة بما تحتويه من حقد مكبوت يتولد من انعدام كل مقومات الحياة غير الانسانية. انطلاقا من هذا الاحساس كان ترحيبي واستبشاري بحفل توزيع السيدة الفاضلة سوزان مبارك لعقود المرحلة الاخيرة من تطوير عشوائية الدويقة ومنشية ناصر التي كانت قد عاشت مأساة انهيار صخور جبل المقطم. ولاجدال أن اتاحة الحياة الانسانية السوية من خلال مسكن صحي تتوافر له المقومات التي تتوافق وحقوق الانسان تعد خطوة ايجابية لنزع خطر الانفجار الذي يهدد الامان الاجتماعي في عاصمة مصر المحروسة. وقد سبق لي ان دعيت منذ عدة سنوات للمشاركة في حفل انهاء عمليات تطوير منطقة زينهم بالسيدة زينب والتي تحولت من بورة عشوائية إلي حي سكني متطور مزود بكل الخدمات التي تعيد الآدمية لسكانه. هذا الجهد وهذا الوقت الضائع في القيام بهذه المشروعات كنا في غني عنه لو ان اجهزة الدولة المعنية التابعة للمحليات قد قامت بواجباتها ومسئولياتها في متابعة عمليات التخطيط والبناء لمنع هذه الممارسات العشوائية التي لطخت وجه القاهرة. وحتي لا تتكرر هذه المآسي الخطيرة فانني أرجو ان يكون لدينا قانون رادع لمواجهة هذه الخروجات سواء من الادارات الهندسية في الاحياء التي تتركز مشاكلها في ضعاف النفوس والمنحرفين الذين تعودوا علي مد ايديهم للحرام دون مراعاة لأي قيم أو مباديء. يجب ان ينص هذا القانون علي عدم سقوط تهم المسئولية عن السماح باقامة هذه العشوائيات مهما مضي عليها من وقت وان يحاكم كل من تسول له نفسه التغاضي في القيام بواجبات وظيفته بأمانة وشفافية من اجل الحصول علي المعلوم دون مراعاة لأي اعتبارات. واذا كانت معظم البؤر العشوائية قد بدأت ظهورها إلي الوجود منذ سنوات طويلة فانه من الواجب تسليط الضوء علي الممارسات الجديدة في هذا المجال والتي تتصاعد وتأخذ منحي التوسع في غياب كامل للمحليات. ان احد الصور التي تشهد علي ذلك اعمال البناء العشوائي التي تجري علي قدم وساق علي جانبي الدائري والتي يمكن لاي مار علي هذا الطريق مشاهدتها وهو يقول »لا حول ولا قوة إلا بالله«.. ان هذه المخالفات البنائية تتحملها محليات القاهرة ومحليات محافظة القليوبية بالاضافة إلي هيئة الطرق والكباري. كان من الضروري ان يكون للدائري حرم يتيح ابتعاد المباني عن مساراته. هذا المطلب الهندسي لا وجود له حيث ان هناك كثيرا من البيوت والعمارات بطول الطريق لا يفصلها عن حافة كباري الطريق الدائري سوي أقل من متر واحد. أليس هناك مسئول عن هذه الاجهزة التي تدخل ضمن مهامها مراقبة ومتابعة هذه الممارسات غير القانونية قد لاحظ ما حدث والذي يحدث؟. أليس شيئا مؤسفا اننا وفي نفس الوقت الذي سنعمل فيه علي وضع نهاية للعشوائيات الحالية ان يعمل آخرون علي خلق عشوائيات جديدة لنجد انفسنا ندور في دائرة مفرغة من المشاكل. لا أجد ما أقوله أمام ما نعاني منه من غياب للضمير من جانب هؤلاء المسئولين سوي »اتقوا الله يا سادة« في مستقبل بلدكم ومستقبل الاجيال القادمة من أولادكم واحفادكم.