أعترف انني تأخرت كثيرا في كتابة عن هذا الفيلم »احاسيس« ولكن لانه كان في نيتي ان اتجاهل الكتابة عنه تماما.. أو أن اقسي موقف من الناقد ازاء اي عمل فني.. ليس قسوة نقده له وإنما تجاهله المطلق وكأنه لم يكن!. نعم كان ذلك هو موقفي بمجرد ان شاهدته.. اذ رأيته لا يستحق جهد السطور التي ساكبتها.. ولا عناء القاريء الذي سيقرأه!!. وقبل ان استرسل يجب علي ان اوضح شيئين.. اولهما انني لا انوي بناء نقدي علي أساس اخلاقي.. فالنقد ليس خطبة تلقي من فوق منبر جامع او من قداس كنيسة.. وانما يعتمد النقد علي التحليل الموضوعي والمنطقي.. والثاني هو انني ابن السينما المصرية بكل عصورها الذهبية التي ظهرت فيها فاتن حمامة وماجدة ونادية لطفي وسعاد حسني ونجلاء فتحي وميرفت امين ومديحة كامل ونبيلة عبيد ويسرا وليلي علوي واخريات.. وكل النجمات قد ارتدين المايوه في الافلام.. ولكن ليس بمناسبة وبلا مناسبة وانما لان الموقف الدرامي كان يقتضي ذلك.. اما هذا الفيلم الذي سمي »احاسيس«. ففجاجة العرض والتمثيل تطل منه بوضوح لدرجة ان نجومه غير المقتنعين بالاحداث لا يعرفون كيف يؤدون ادوارهم!. ومشاهد العلاقات الجنسية بين البطلات والابطال ليست بمناسبة وبلا مناسبه وانما كلها مناسبة!! وغرفه النوم واللقاءات في الفراش مستمرة طوال الفيلم.. والاستحمام في حمام السباحة او في حمام البيت يحدث مع كل البطلات.. والعلاقات الزوجية والخيانة الزوجية والشذوذ والعادة السرية كله موجود في الفيلم. وهو مليء بالممثلات والممثلين علي شكل ثنائيات وهي »الموضه« التي أصابت السينما المصرية منذ النجاح العظيم للفيلم الذي استحق هذا النجاح »سهر الليالي«. علا غانم وحبيبها باسم سمره في اول مشهد والحديث بينهما علي الموبايل.. ان بينها حبا قديما جدا.. لدرجة ان الحبيبة تزوجت غيره وانجبت منه طفلين.. لكن الحب لا ينسي.. وهو يتذكرها وتظهر صورتها التي في مخيلته بالمايوه.. هل هذا هو الموقف الدرامي الذي استتبع ظهورها بالمايوه!؟. وفي المشهد التالي تخرج »علا« من البحر بالمايوه ايضا.. وتقدم الشاشة مرضا رائعا.. مثيرا لصاحبة المايوه وهي تستلقي علي الشاطيء وتبدو بوضوح كل الانحناءات والثنايا ومكونات الجسد المثير ليظهر الحبيب »باسم سمره« نعم لا تندهش باسم سمره هو الحبيب يتبادل مع حبيبته كل معاني الغرام. وربما هذا اهم مشهد لانك لا يمكن ان تري باسم سمره مرة اخري في غير هذا الفيلم في دور الحبيب الذي يمارس الحب.. لكن المخرج وهو بالمناسبة هاني جرجس فوزي له فيي ذلك حكمه.. ولا يمكن يقول انه لم يجد ممثلا آخر.. فمعه في الفيلم نفسه.. احمد عزمي كان ممكنا أن يتبادل معه الدور ونكتشف بعد ذلك ان »علا« متزوجة من »ادوار« لكنها تخونه مع حبيبها القديم »باسم« وبالمناسبة فإن »ادوار« ايضا يخون زوجته »علا« مع سكرتيرته »ايناس النجار« التي ظهرت بآخر ازياء المايوهات والتي كانت تمشي وتتحرك مثل »الماريونيت« كي تبرز كل مناطق الاثارة في جسدها وبتعليمات من المخرج وطبعا حتتين زيادة من عندها!. اما الجذاب باسم السمره آخر من لعب ادوار الدون جوانات في مصر باسم السمرة بملامحة الخشنة المعروفة فتراه في احد الكباريهات مع صديقه »احمد عزمي« الذي تعود حياة الكباريهات والنوم مع الغانيات لانهن يعطينه مالا تعرف زوجته ان تعطيه له وهذه هي مشكلته.. وفي هذه الجلسة غانيتان هما »ماريا« و»دنيا عبدالعزيز«.. وعندما يشكو له صديقه باسم سمرة انه لا يستطيع ان ينسي حبه القديم يقرر الجميع ان يساعدوه علي النسيان ويصحب كل من الصديقين غانية ويذهب لمحاولة النسيان!.. ولا ننسي اننا تركنا علا غانم تستعرض جسدها امام المرأة بعد الحمام ثم تمارس الجنس مع نفسها في الفراش!!.. وتتكرر كثيرا مثل هذه المشاهد في الحمامات والكباريه وعلي الشاطيء وفوق الفراش.. ودائما تتكرر صورة باسم سمرة الذي تتذكره علا غانم وهي تمارس الجنس مع نفسها أو حتي مع زوجها.. وكما هو واضح فإن كل الطرق في هذا الفيلم تؤدي إلي الجنس والجنس هو الهدف.. وعندما يفكر المخرج أو السيناريست في ضرورة وجود موقف اخاذ نتابعه ويحقق الوصول به إلي لحظة قمة الدراما يفصح لنا نحن الجمهور ان الدون چوان باسم السمره عنده ورم في المخ واسعة قوي انه حولها لميلو دراما حسن الامام وانه لهذا السبب قرر انه ان يترك حبيبته ورغم ان الطبيب لايري ضرورة للاسراع بعمل جراحة لاستئصال الورم الا ان الدون جوان يصر لدرجة ان الناس تضحك لهذا الاصرار.. قد تحول الفيلم فعلا من فيلم جنسي إلي فيلم ميلودرامي ثم إلي فيلم كوميدي لان الجماهير ضحكت كثيرا.. اذ ضحكت ايضا عندما بكي »ادوار« ولك ان تتصور دموع ادوار وهي تسيل علي بشرته ذات الخدود الزجاجية التي صعب جدا ان تعبر عن اي شيء!! الغريب ان السيناريست يحاول ان يدفعك للتعاطف مع الخيانة.. فنجد الزوجة الخائنة تردد ان زوجها في الجنس لا يهمه سوي نفسه.. أو ان الزوج الخائن يقول ان زوجته لا تمنحه ما تعطيه له الغانيات من بائعات الهوي.. وقد تصور مخرج ومنتج الفيلم انه سيحقق ايرادات خرافية بهذا الموضوع العاري والتصور المبالغ فيه في كل المشاهد كي لا تعبر الا عن الجنس.. الا انه حظي بأقل الايرادات وكلها في خانة الالوف بينما كل الافلام المصرية الاخري تقيم ايراداتها منذ مدة في خانة الملايين!! وواضح ان هذا الاتجاه لم يعد ناجحا في السينما لان من يتحمس له امامه الكمبيوتر والانترنت ولا تستطيع السينما ان تطفيء ظمأه! لا معني طبعا والحال كذلك ان نقول ان التصوير كان اخاذا او ان المونتاج كان حساسا خصوصا ان حساسا هذه قد تجعله يدخل في زمره »الاحاسيس« التي يعرضها الفيلم وربما تحتج علينا المونتيرة!.. وبالمناسبة ما عرضه الفيلم لا علاقة له بالاحاسيس.. لان كلمة احساس معناها »المشاعر النبيلة« وما رأيناه لم يكن ابدا نبيلا.. وكان اولي ان يسمي الفيلم »شهوات« جمع »شهوة«!. بقي ان اقول لماذا تحمست فجأة بعد هذا التأخير في الكتابة عن الفيلم.. بصراحة لاني قرأت ان المخرج المنتج وفي اعتقادي انه يلعب بفلوس ساويرس قرر ان يقدم فيلمه الثالث من نفس النوعية اي انه متصور انه رائد أفلام الجنس في السينما المصرية.. فبعد »بدون رقابة« و »احاسيس« سيقدم »اشحنلي واعرضلك«!. كلاكيت آخر مرة: عزيزي هاني جرجس.. كم وددت لو تتعلم كيف تقول كل شيء دون ان تنشر غسيلك القذر امام الجماهير.. كم تمنيت لو تتعلم من استاذيك سعيد مرزوق »زوجتي والكلب والمذنبون والمغتصبون« وحسين كمال »ثرثرة فوق النيل، ارجوك اعطني هذا الدواء، ايام في الحلال«.