لماذا العلم؟.. الحلقة رقم 273 من سلسلة »عالم المعرفة« التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت.. من تأليف »جيمس تريفيل« James Trefil، ترجمة »شوقي جلال« صدرت الطبعة الإنجليزية Why Scicnee? عام 8002 عن دار النشر الأمريكية »معلمو الكليات«. مؤلف الكتاب من مواليد عام 8391، حصل علي دكتوراة في الفيزياء من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدةالأمريكية عام 6691، وحاليا يقوم بتدريس الفيزياء بجامعة جورج ماسون، قام بتأليف أكثر من 03 كتابا معظمها يتناول العلوم للقارئ العادي، يقوم بصفة منتظمة بإلقاء محاضرات علي رجال القضاء في موضوع الترابط بين العلم والقانون.ليس العلم، كما يذكر المترجم.. مجرد اكتساب معلومات علمية أو حيازة ذهنية لمعلومات وحيازة مادية لتكنولوجيا، ولكن العلم الذي يمثل الآن روح العصر، هو منهج في فهم ودراسة الواقع اعتمادا علي العقل الناقد بهدف التدخل التجريبي للتغيير. ثم يسجل المترجم السؤال الأبدي الذي نكرره، أجيالا وراء أجيال، لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ والاجابة التي يسجلها المترجم وتكمن في غربة العلم في حياتنا وغربة المستقبل أو غيابه عن إرادتنا. فثقافة العلم لا تنشأ ولا تسود لتمثل مناخا عاما إلا في مجتمع منتج للعلم، هو وطن للعلم، ومن ثم تكون ثقافة العلم عامل دعم وحفز نحو المزيد.. المزيد من الانجاز، والمزيد من الاستمتاع بالحياة، من حيث الفهم لظواهر الحياة، والفهم لقواعد إرادة الحياة. لكي تتبين أثار العلم والتكنولوجيا في حياتك، لست في حاجة.. كما يقول جيمس تريفيل مؤلف الكتاب إلي ان تكون فيلسوفا، ويبدأ المؤلف في سرد العديد من الأمور اليومية التي بها نتبين آثار العلم والتكنولوجيا في حياتنا: عندما نستيقظ علي تنبيه ساعة راديو لاسلكية، نعرف ان الموجات اللاسلكية بدأ التنبؤ بها في عام 1681 واكتشفت في عام 8881، واستخدمت لإرسال اشارات لاسلكية في عام 4981، عندما نسوق سياراتنا للذهاب إلي العمل، نبدأ في تشغيل السيارة عن طريق بطارية، نعرف ان اول بطارية صنعت في عام 0081، وأن قوانين الديناميكا الحرارية الحاكمة لتشغيل محرك السيارة تأسست في عام 2481، كما تم تشغيل أول محرك يعمل بالاحتراق الداخلي في عام 6781، وعند تشغيل الحاسوب الشخصي، فإن القوانين الاساسية الحاكمة لأجزاء الحاسوب اكتشفت في ثلاثينيات القرن العشرين، وأول حاسوب بدائي صنع في الاربعينيات من القرن العشرين. ثم يستفسر المؤلف، لماذا ندرس العلم؟ أي شئ آخر يمكن للمرء ان يدرسه إذا ما أراد أن يفهم العالم الحديث؟ وهنا يقدم المؤلف النصيحة التالية: أبحث عن الشئ الذي كان له اضخم الأثر في حياة البشر.. والنموذج الذي يقدمه لنا المؤلف هو حال بريطانيا في القرن 81 الميلادي، فقد كانت بلدا انهكته النزاعات الاجتماعية ويعاني مشكلات طبقية ومشكلات الفقر حتي أن أي مدينة أمريكية كانت تبدو- بالنسبة لأي شخص انجليزي مدينة فاضلة، فمن غير المجدي في ذلك الوقت للتعرف علي مستقبل ذلك البلد ان تذهب إلي البرلمان الانجليزي أو إلي قصر باكنجهام أو احدي الجامعات العريقة كأكسفورد أو كمبردج، بل كان من المحتم ان تذهب حيث يوجد مصنع متوسط قرب المدينة الصناعية برمنجهام وإلي مؤسسة بولتون Boulton ووات Watt هناك كان يوجد صانع للأدوات من اسكتلندا يدعي جيمس وات James Watt عاكفا علي إدخال تحسينات شاملة علي القاطرة البخارية التي يمكنها ان تستمد الحرارة المتولدة من احتراق الفحم وتحولها إلي قوة محركة بالغة التأثير والفاعلية. ما الذي فعله جيمس وات؟ توصل إلي تصنيع ماكينة في امكانها عمليا استخدام الطاقة التي سقطت علي سطح الأرض علي مدي ملايين السنين الماضية في صورة أشعة الشمس واحتفظت بها الأرض في باطنها علي هيئة فحم، وبدأت غلايات »وات« في تحرير واطلاق الطاقة لتوليد البخار الذي زود بالقوة المحركة ما نسميه الآن بالثورة الصناعية، وأدارت القوي المحركة البخارية المصانع التي ادت إلي نمو المدن، وأدارت حركة القطارات والسفن التي تزود تلك المصانع بالمواد الخام ثم توزع منتجاتها في كل أنحاء العالم، وغيرت إلي الأبد العلاقة بين البشر والعالم الطبيعي، وهكذا كان مستقبل انجلترا التي أنجبت »جيمس وات« كامنا في تكنولوجيا غامضة. تطرق بعد ذلك المؤلف إلي المنهج العلمي، الذي له خاصيتان تميزانه وهما الملاحظة والاختبار، فالمعرفة العلمية تبدأ بالملاحظة، فمثلا نجد الدنماركي »براهي« (6451 - 1061« قضي حياته يجمع أهم البيانات الدقيقة في العالم عن مواقع الكواكب في السماء، وبعد وفاته خلفه مساعده العالم الرياضي الألماني »كيبلر« (1751- 0361« الذي أهتم بتكثيف هذا الكم الهائل من المعلومات وصاغها في قوانين ثلاثة تعرف باسم »قوانين كيبلر عن حركة الكواكب«، يفيد احداها علي سبيل المثال ان الكواكب تدور حول الشمس في مدار حلزوني، جاء ذلك بعد ذلك اسحق نيوتن (2461-7271) وأوضح ان قواني كيبلر نابعة من نظرة اعمق تتضمن ما نسميه الآن قوانين نيوتن عن الحركة وقانون الجاذبية الكونية الحصاد النهائي لهذه السلسلة من الأحداث تعطي صورة في غاية البساطة عن الكون إذ تجعل المرء يري حركة الكواكب وكأنها حركة عقارب ساعة بينما تروسها الداخلية تمثل تطبيقا لقوانين نيوتن، هذه الفكرة البسيطة عن الكون كان لها أثرها العميق في ثقافة القرنين 71،81 ويتجلي هذا بوضوح في الفن والأدب والموسيقي، حتي أن بعض الباحثين وصل بهم الأمر إلي حد تأكيد ان واضعي الإطار العام للدستور الأمريكي تأثروا بفكرة الكون علي نحو عميق، بمعني انهم يكتشفون القوانين الحاكمة للمجتمع البشري مثلما اكتشف نيوتن القوانين الحاكمة للمجموعة الشمسية. ومن خلال صفحات الكتاب حاول المؤلف بطرق شتي ان يؤكد أهمية العلم في حياتنا.