كل عام وانتم بخير. ولا شك أن الله سيكون رحيماً بعباده وهم محاصرون في رمضان بين نار حرارة الجو ونار التهاب الأسعار، لكي يسقطوا في النهاية مهدودي الحيل أمام شاشات تلفزيونية تعرض في الشهر الكريم أكثر من خمسين مسلسلاً لم يعد أحد يبحث فيها عن القيمة الفنية، بعد أن تحولت إلي مجرد وسيلة لاجتذاب الإعلانات، ورحم الله عبقري الدراما التلفزيونية أسامة أنور عكاشة الذي قضي سنوات عمره الأخيرة يحاول إنقاذ الدراما من الوقوع تحت سيطرة الإعلان، ورحل دون أن ينجح إلا في الإفلات بمسلسلاته بعيداً عن رمضان وبأقل الإضرار من الخضوع لاملاءات المعلنين في تقطيع المسلسلات التي يتحول بعضها إلي مجرد فواصل متناثرة بين الإعلانات !! ومشكلة المسلسلات التلفزيونية ليست في عدد ما ينتج منها، فنحن في حاجة لضعف هذا العدد من المسلسلات لتوفير الجديد علي الدوام للمحطات التلفزيونية المصرية والعربية، ولإنعاش هذه الصناعة الهامة خاصة مع التعثر الذي تواجهه صناعة السينما.. المشكلة هي في تكديس كل إنتاجنا التلفزيوني في شهر رمضان بلا مبرر، ثم في تشويه هذه المسلسلات بحشر الإعلانات فيها بهذه الصورة المبالغ فيها لتوفير تكلفة هذه المسلسلات، والأمر كله يحتاج لمراجعة شاملة بعد ان تراجع مستوي الدراما التلفزيونية المصرية في ظل هذا الأسلوب الذي تم اتباعه في السنوات الأخيرة في إنتاج المسلسلات وعرضها، وفي ظل المنافسة العربية من أكثر من دولة شقيقة. وأظن أن السنوات القادمة سوف تفرض هذه المراجعة وسوف نجد عدداً اكبر من المسلسلات التلفزيونية التي تتعامل مع الهموم المصرية بعيداً عن المحاذير التي تضعها بعض الدول العربية، وهو ما يفرض أسلوباً جديداً في الإنتاج يقلل التكلفة ويعتمد علي النجوم الذين يصنعهم التلفزيون لشاشته. وسوف يستمر الإنتاج الضخم الذي يستغل الإمكانيات الكبيرة التي نمتلكها لكي يقدم ما يجمع حوله الأسرة العربية في كل مكان من الوطن العربي حين يعبر عن قضايا حقيقية، ويستعيد المستوي الرفيع الذي وصلت اليه الدراما المصرية مع أمثال أسامه أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن ووحيد حامد وغيرهم من كبار المؤلفين، ومع فاضل وإسماعيل عبد الحافظ وأنعام محمد علي وغيرهم من كبار المخرجين. قبل أن يتحول الإنتاج التلفزيوني إلي مجرد " سبوبة" يتم فيها " مط " المسلسلات علي قدر المستطاع لكي يزيد العائد منها ويغطي التكلفة التي يستحوذ النجوم علي معظمها ، ويفرضون ما يريدون علي المسلسلات مادامت تباع بأسمائهم للمعلنين، والنتيجة أنه وسط أكثر من خمسين مسلسلاً جديداً سوف تزدحم بها الشاشات الصغيرة في رمضان. سوف يكون جيداً أن يحقق مسلسلان أوثلاثة مستوي فنياً يليق بالدراما المصرية وما تملكه من إمكانيات ومواهب، وما تستطيع بالفعل أن تنجزه في ظل ظروف مواتية!! أما إذا لم تجد شيئاً يستحق في إنتاج هذا العام، فأنت الكسبان لوفعلت مثلي وقضيت ما يتاح من وقت في قراءة الكتب التي تختارها لهذا الشهر الكريم، ثم في سماع أجمل ما في تراثنا من فنون الموسيقي والغناء والتواشيح الدينية وقبل ذلك كله أئمة ترتيل القرآن الكريم وفي مقدمتهم قيثارة السماء الشيخ رفعت. وبالمناسبة.. نعود لما أثرناه في رمضان الماضي حول مخاطر انحسار مدرسة التلاوة المصرية العظيمة للقرآن الكريم، فلا أصوات جديدة تتم رعايتها، ولا تدعيم لتراث عظيم من التلاوات المباركة التي أبدعها الشيوخ رفعت ومصطفي إسماعيل وعبد الباسط والمنشاوي والشعشاعي وشعيشع والبنا وزاهر وغيرهم، بينما الساحة تزدحم بمدارس أخري في التلاوة لا يمكن ان ترقي لجمال المدرسة المصرية، أثرنا هذا في العام الماضي وانتظرنا أن يتحرك أحد، لكن شيئاً لم يحدث.. لم يفكر أحد في قناة تلفزيونية تذيع فقط التسجيلات النادرة للمقرئين المصريين العظام التي تزدحم بها مكتبة الإذاعة. لم يتحرك الأزهر ولا الأوقاف بصورة جادة لرعاية التراث العظيم ونشره وتقديم الدعم لتباع تسجيلاته بأسعار مناسبة، ولا لاكتشاف المواهب ورعايتها وتقديمها للناس.. فهل نأمل من فضيلة شيخ الأزهر ومن وزير الأوقاف أن نري بداية للتحرك في رمضان هذا العام ؟! .. ونظل مع الشهر الفضيل، ونراعي ظروف القارئ الكريم ومشقة الصيام في بداية الشهر وفي عز الحر،فلا نقترب من ملفات ترفع الضغط كملفات نهب الأرض، أوسرقة أموال علاج الغلابة، ونصدق تصريحات المسئولين بأن الأسعار لن ترتفع، رغم أن المخبز الذي نتعامل معه رفع أسعاره 25 ٪ هذا الأسبوع، وأسعار الخضار والفاكهة يعرف القارئ أكثر مني أنها لم ترتفع (!!) وكل أحاديثنا عن ضرورة توفير اقصي ما نستطيع من احتياجاتنا من القمح محلياً لم تفلح في إقناع المسئولين عن الزراعة، وهكذا تراجع الاهتمام الذي أبداه الجميع حين ارتفعت أسعار القمح في العالم قبل عامين وحذر المسئولون في منظمة الأغذية العالمية من أزمة طاحنة في الغذاء.. يومها أبدينا الاهتمام وتوسعنا في زراعة القمح ورفعنا أسعاره للفلاحين. ثم نسينا كل ذلك حين تراجعت الأسعار في العالم وتركنا الفلاحين يصرخون من إهمالهم. والآن تعود الأزمة وتتراجع روسيا عن توريد القمح الذي اتفقنا عليه معها، ويقال إن الظروف الجديدة ستكلفنا قرابة أربعة مليارات جنيه. فهل ستقنعنا هذه المرة بضرورة مضاعفة إنتاجنا من القمح والتعامل معه باعتباره قضية أمن قومي.. أم تستمر السياسات المتضاربة.. يوما نهتم بالأمر، لننسي في اليوم التالي، ثم لا نتحرك إلا حين تداهمنا الأزمة ؟! نكتفي بالتساؤل احتفاء بالشهر الفضيل، وحتي لا يرتفع الضغط عندي، خاصة وانا اكتب في عز الحر، وبعد أن احترق جهاز التكييف بسبب الارتفاع المفاجئ في ضغط الكهرباء، فيما يبدوأنه محاولة لإقناعي بأنه لا توجد مشكلة في نقص الكهرباء، بل المشكلة في زيادتها (!!)التي أحرقت جهاز التكييف عندي، وأتلفت معظم الأجهزة الكهربائية عند بعض الجيران.. ولا تعليق في الشهر الكريم إلا: اللهم إني الصائم !! للسكة الحديد.. ألف سلام!! أعرف الجهد الذي يتم بذله لتحسين الخدمة في السكة الحديد. ولكن ماذا تفعل هذه الجهود مع أخطاء مثل تلك التي واجهها من ذهب ليحجز تذاكر العودة من الإسكندرية للقاهرة له ولأسرته في قطار الثانية بعد ظهر الخميس الماضي. الحجز الذي تم في اليوم السابق، والقطار جاء في موعده، والأسرة استقلت القطار من محطة سيدي جابر لتجد أن مقاعدها محجوزة لآخرين.. وليتم اكتشاف أن الموظف ( أوالموظفة ) التي قامت بالحجز أخطأ في رقم القطار، فتم الحجز في القطار رقم 917 بدلاً من 916. والنتيجة ان تقضي ساعات السفر واقفاً علي قدميك !! أما " التناحة " التي تستحق جائزة التفوق فتأتي من المحصل الذي يأخذ التذاكر ، ثم يعود لا ليعتذر عن الخطأ، اوليقول إنه وجد مقاعد بديلة، بل ليطالب بثمن تذاكر جديدة مع الغرامة المقررة!! أرجوألا يسارع المسئولون في السكة الحديد بانكار الواقعة اوعدم المحاسبة عليها، فقد كنت - شخصياً - شاهداً علي الواقعة، وضحية لها !! آخر كلام: لا اعرف ما هوالجمال في مرمطة اللغة العربية في الإعلانات عن المسلسلات الجديدة التي ملأت الصحف والشاشات بعبارة تقول " حصري.. عالتلفزيون المصري ".. هذه لغة تليق بفضائية من فضائيات بير السلم، وليس بتلفزيون الدولة الذي بدأ إرساله تحت إسم "التلفزيون العربي" !!