يتفق الخبراء علي ان التطورات التكنولوجية في عالم الاتصالات قد اصبحت نقمة علي الدور الذي كانت تقوم به شركات السياحة وما كانت تحققه من ورائه من عوائد وارباح مالية. كان من نتيجة هذا تحجيم العلاقة الوطيدة التي كانت تربط بين هذه الشركات وشركات الطيران اللذين ظلا ولسنوات طويلة شريكين اساسيين في عمليات استخراج تذاكر الطيران سواء لرحلات العمل الفردية أو لرحلات البرامج السياحية.. في ظل هذه العلاقة كانت شركات الطيران تخصص نسبة من قيمة التذكرة كربح.. يتراوح ما بين 2٪ و4٪ واكثر حسب حجم التعامل لشركات السياحة. ومنذ ادخال شركات الطيران لخدمة الانترنت التي تتيح لزبائنها استخراج التذاكر مباشرة دون الحاجة إلي وسيط اصبح الدور الذي تقوم به شركات السياحة محدودا للغاية. ادي ذلك إلي قيام شركات الطيران بوقف العمولات التي كانت تدفعها لشركات السياحة المتعاقدة معها نظير تقديمها لهذه الخدمة. لم يقتصر هذا التحجيم علي شركات السياحة التي ولا جدال فقدت موردا ليس بالقليل ابدا وانما امتد ايضا إلي سياسات واستراتيجيات شركات الطيران نفسها. هذا الوضع الجديد دفع بهذه الشركات إلي وقف التوسع في مكاتبها وفروعها بل إلي اغلاق العديد منها. لقد اعتمدت علي خدمة الانترنت للتواصل مباشرة مع زبائنها الذين يقومون باستخراج تذاكر الE-TECKET مباشرة ودون الحاجة إلي التعامل مع مكتب الشركة مستخدمين في ذلك بطاقات الائتمان CREDIT - CARD لدفع القيمة المستحقة اوتوماتيكيا. لقد استفادت شركات الطيران من تطبيق هذه الانظمة في خفض الكثير من الانفاق وهو الامر الذي يساعدها علي مواجهة الارتفاع في تكلفة الخدمات والوقود واسعار قطع الغيار وعمرة الطائرات. انها كانت في اشد الحاجة لتقليص هذه النفقات حتي لا تضطر إلي زيادة اسعار تذاكر السفر إلي الدرجة التي تؤدي إلي تقليص عمليات السفر. من ناحية اخري فلاشك ان نجاحها في تحقيق هذا الهدف يعد في نفس الوقت عاملا ايجابيا لصالح شركات السياحة والسياح. انخفاض قيمة تذكرة السفر بالطائرات يؤثر بالتالي علي اسعار برامج الرحلات وهو الامر الذي يشجع علي القيام بها خاصة ان قيمة تذكرة الطائرة تمثل نسبة لا يستهان بها من التكلفة الشاملة للرحلة. انحسار دور شركات السياحة في استخراج تذاكر السفر بالطائرة من خلال قيامها بالوكالة ادت الي تراجع مشاركة شركات الطيران في العديد من الفعاليات والمعارض السياحية منذ عدة سنوات وهو ما ظهر جليا في اشهر الاحداث السياحية بالقارة الامريكية مثل الاستا والباو واو وان كان هذا لم يمنع بعض شركات الطيران الوطنية المحدودة من هذه المشاركة. وقد كان من النتائج السلبية لانتشار استخدام تكنولوجيا الاتصالات في شركات الطيران وكذلك شركات السياحة إلي خفض عدد الموظفين العاملين بها. لقد اصبح في امكان زبون شركات الطيران ان يحجز يوم وموعد السفر والكرسي الذي يريده. نفس هذه الميزة تتوفر ايضا للسائح الذي يمكنه ان يختار بين البرامج السياحية التي يعرضها منظمو الرحلات وانهاء جميع الاجراءات من خلال الانترنت سواء عن طريق الكمبيوتر أو حتي عن طريق الموبايلات الحديثة. ويبدو ان الانترنت مستمر في مطاردة الانشطة التي كانت ومازالت تقوم بها شركات السياحة. تشمل هذه المطاردة الحجز في الفنادق التي تقوم حاليا بعرض اسعارها وصور ثابتة ومتحركة لحجرات النوم ولكل الخدمات التي تقدمها لزبائنها. في هذا الاطار فانه يمكن للسائح الذي يريد ان يقوم برحلة دون الاستعانة بشركة سياحية حجز الاقامة بالطائرة وبالفندق وبالقطار وبالاتوبيس وحجز السيارة التي يريدها وكذلك المسارح وتذاكر زيارة مواقع المعالم السياحية المختلفة. اذن وانطلاقا من هذا الواقع فان كل الانشطة السياحية اصبحت تحت رحمة تكنولوجيا الاتصالات وتطوراتها مثلها مثل كل انشطة الحياة الاخري سواء كانت صناعية أو تجارية أو حتي عقارية. ان احدا لا يعلم مع استمرار هذه التطورات المدي الذي يمكن ان تصل اليه هذه الخدمات.. وهل يمكن النظر اليها كلعنة ام كنعمة . اعتقد ان السنوات القادمة سوف تجيب عن هذا التساؤل.