رب ضارة نافعة، لا أحد يستطيع ان ينال من هيبة القضاء الجالس والقضاء الواقف ولكن الأزمة الأخيرة هي وليدة انفعالات ورواسب نفسية تراكمت علي مدار السنين الأخيرة وخصوصا بعد سنة 2891 التي توقف فيها تعيين الحاصلين علي مؤهلات عليا بمجرد تخرجهم، فكان الأثر المترتب علي ذلك هو كثرة عدد المحامين وقلة عدد القضاة والسبب ان الفئة الأولي لا يتحكم في عددها أحد، وانما كل من يحصل علي ليسانس الحقوق ومعه تقدير جيد وجيد جدا وحتي مقبول يتقدم إلي وظيفة النيابة العامة لتنتهي بقبول من لهم واسطة أو أبناء القضاة. وبعد ذلك يجد الباقي نفسه مدفوعا للاشتراك في نقابة المحامين ليطلق عليه لقب محام، والأغلبية يدخلونها رغم أنفهم وعن غير رغبة.. وبعد ذلك تظل الرواسب النفسية قائمة بين هذا الذي كان يحمل تقدير امتياز وجيد وجيد جدا بل مقبول وبين الذين تم قبولهم بتقدير متدن لمجرد انهم أولاد مستشارين أو أولاد ذوي السلطة، وهذا واقع لا يستطيع أحد ان ينكره في مصر.. الأمر الذي يجعل العلاقة بين جناحي العدالة هي علاقة شد وجذب وصراع نفسي يدفع هؤلاء للنيل من هؤلاء والعكس صحيح. وبناء عليه أري من وجهة نظري كمحامي نقض لي من الخبرة الكثير والكثير في المحاماة ومن خلال تعاملي مع رجال القضاء سواء نيابة أو قضاء.. أقول ان الحل الوحيد لتحقيق المساواة والعدل الذي ننشده جميعا بسيط للغاية، وهو ان يصدر قرار جريء من السيد وزير العدل بإنشاء مركز مصغر للدراسات القضائية لكل محافظة أو بكل عدد معين من المحافظات يفتح سنويا لقبول حملة الليسانس بتقدير لا يقل عن جيد، تكون الدراسة فيه لمدة سنتين بعدها يعقد امتحان بحيث من يجتاز هذا الامتحان يعين كوكيل للنائب العام. وبعد ذلك يتم عمل تنسيق عام يختار فيه الأعلي تقديرا وفاء للعدد المطلوب لوكلاء النيابة العامة، وهنا لا يستطيع كائن من كان ان يدعي كذبا بأن هناك واسطة أو محسوبية في تعيين وكلاء النيابة، وعلي الجانب الآخر يتم انشاء معهد للمحاماة تابع لوزارة العدل مباشرة مدة الدراسة فيه سنتين ومن ينجح به يقدم أوراقه إلي نقبة المحامين كشرط للقيد كمحام بالنقابة، وعليه سيكون الأثر المترتب علي ذلك هو وجود شفافية عالية في تعيين وكلاء النيابة، وكذلك ارتضاء من لا يقبل بالنيابة العمل كمحام وكلا الطرفين »النيابة - المحاماة« سيكونون خريجي وزارة واحدة ألا وهي وزارة العدل بإنشائها معهد الدراسات القضائية ومعهد المحاماة وسيكون الأثر المترتب علي ذلك هو اكتساب كلا الطرفين الخبرات العملية لأصول التعامل بين جناحي العدالة، وسيكون ذلك مانعا لنشوب أي خلاف بين الطرفين وارتقاء بمستوي هيئة القضاة والمحامين، باعتبار ان من سيقوم بالتدريس في كلا المعهدين هم صفوة رجال القضاء والمحاماة علي حد سواء. أضف إلي ذلك ان لو تم الاخذ بوجهة نظرنا هذه فإن ذلك سيؤدي بالتبعية إلي تفعيل مادة تعيين النسبة المقررة بنص القانون في القضاء سنويا من المحامين وبالتالي سيخلق ذلك حميمية وحبا وتآلفا بين جناحي العدالة.. القضاء الجالس والقضاء الواقف.. ناهيك عن انه لو تم ارساء مبدأ مؤتمر نصف سنوي يعقد بإحدي القاعات الكبري يتم لقاء جناحي العدالة القضاة والمحامين في إطار من التآخي وتقريب وجهات النظر وتوطيد العلاقة بين القضاة والمحامين مضافا إليهم مديرو الأمن بجميع المحافظات لتخلق الألفة والمحبة بين مثلث العدالة بشكل عملي »القضاة - المحامين - رجال الأمن« عندئذ سيكون لكل فئة من هؤلاء هيبتها لدي الطرف الآخر ولدي جميع المواطنين. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد وعاشت مصر حرة وقضاؤها حرا..