لم تحظ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشأن مكافحة التبغ بأي تغطية إعلامية تذكر، فعندما تذكرها لا تجد تقريبا أي ادراك لوجودها، مع ان أكثر من 021 دولة تقريبا قد وقعت بالالتزام بها ومن بينها مصر ومعظم الدول العربية، وشاركت مصر بمفاوضين وموقعين من وزارات الخارجية والبيئة والصحة عليها، ومن المعروف ان الهدف من هذه الاتفاقية - التي تعتبر علامة فارقة في تاريخ المفاوضات المتعلقة بالصحة - هو حماية الاجيال الحالية والأجيال القادمة من استهلاك التبغ والتعرض لدخانه، حيث ان تعاطي التبغ في اتساع وليس في انحسار، إلا ان الأغلبية لاتزال هي غير المدخنة عبر العالم. والاتفاقية تشكل خطوة رائدة ومهمة علي طريق تعجيل وتفعيل الاجراءات الوطنية والاقليمية الصارمة من أجل حماية صحة الانسان من الأثر المدمر الناجم عن التدخين وخاصة فيما يتعلق بحقوق غير المدخنين الذين يتعرضون - ظلما وعدوانا - لنوع من التدخين القهري ولا أقول السلبي، فأنت اذا لم تكن من المدخنين تتعرض لدخان سجائر المدخن الذي لا يضر بنفسه بل يأثم في إلحاق أكبر الضرر بغير المدخنين.. عموما تحتاج بنود الاتفاقية وتفاصيلها الي عدة مقالات أخري نظرا لأنها من المعاهدات القانونية الدولية التي تحتاج الي تحليل لغوي اجتماعي وعبر ثقافي. بالاضافة إلي أنها من تلك المعاهدات التي يترتب عليها الوفاء بأداء العقد المتضمن بها والدخول في عمليات تفاوض جماعي مركب من أجل ذلك ومن الممكن تسليط الضوء علي هذا الأمر من خلال مجموعة من المواقف التفاوضية اليومية ومنها ذلك الحوار أو اللاحوار في نتيجته والذي حدث في أحد مطاعم الأسماك حيث دخل إليه أحد ناشطي مكافحة التدخين ومسئول حركة كفاية للتدخين القهري والمطعم من المطاعم المعروفة ويتضمن ذلك الفرع أربعة أدوار كبيرة حيث دخل هذا الناشط للمطعم وسأل عند الباب أي دور في هذه الأدوار الأربعة الكبيرة لغير المدخنين؟! أي »هؤلاء البشر الذين لا يريدون ولا يقبلون التعرض للدخان القهري للمدخنين«! وفي هذه المرة الأولي لدخول هذا الناشط.. فوجيء الناشط بأن أحد العاملين الذين يرحبون بالزبائن يستعجب من سؤال الناشط.. فقال له لا يوجد دور بعينه!! ولكن دعني أبحث عن مكان هاديء لك.. قال الناشط.. ولماذا لا تحدد دورا لهؤلاء البشر من غير المدخنين قال له المسئول »اللطيف« بالمطعم أنا ما مقدرش أقول لواحد مدخن لا تدخن.. ليس هذا لطيفا أو من سلطتي عليه.. الناشط يقول له يعني حضرتك تحترم المدخن وحقه في قهر رئة غير المدخنين ولا يهمك حتي غير المدخن المسئول بالمطعم.. يصمت ولكن نظرته غير مرتاحة لهذا المنطق تماما.. الناشط يقول له لماذا لا تكون مثل المحلات والأماكن العديدة التي بدأت تعني بوجود مساحة للمدخن وأخري لغير المدخن - رغم تهريج السماح للمدخن بإفساد الهواء لان الدخان متنقل. المسئول بالمطعم يقوم بتحديد مكان بعيدا عن الآخرين المدخنين لانهاء الموقف وينتهي الأمر!! ولكن عند زيارة الناشط بعد شهور طويلة لنفس المطعم بسبب الصحبة - غير المدخنة - التي طلبت الذهاب للمطعم يسأل عند دخوله للمرة الثانية أين مكان غير المدخنين؟! تبتسم احدي المسئولات في المطعم وتقول له الدور الثاني.. يفرح الناشط ان هناك تقدما فيصعد ليجد عدة موائد قليلة للغاية كتب حولها علامة »ممنوع التدخين« وموضوعة في أسوأ مكان بجوار الداخلين والخارجين من دورات المياه.. فيعترض علي تلك الاهانة لان أصحاب هذا المطعم لا يحترمون إلا حق غير المدخنين.. يذهب أحد العاملين بالمطعم له ويتحدث بلغة فظة ولا تلائم أي مستوي من المسئولية القانونية والاخلاقية تجاه الصحة العامة والقوانين التي فرضتها المؤسسات المعنية في مصر وطبقا للمعاهدة.. يتدخل المدير الأعلي بلباقة وأدب جم وخلق رفيع ليحل المشكلة الظاهرية الآنية ليبقي هذا المثال ضمن أمثلة أخري علي ضرب عرض الحائط بالقوانين وبمراعاة الأصول والعدل والمنطق في معاملة غير المدخنين ولاشك ان للحديث باقية. والله ولي التوفيق