عندما قرأت عن الزيارة التي يقوم بها المهندس رشيد محمد رشيد للارجنتين للمشاركة في التجمع الاقتصادي لدول امريكا اللاتينية.. وجدت نفسي اقول مستبشرا.. يا فرج الله. لا جدال ان هذا التحرك نحو هذه المنطقة قد جاء متأخرا واتسم دوما بعدم الاستمرارية سواء سياسيا او اقتصاديا رغم ما يربطنا بهذه الدول من تعاطف وتقارب ومشاركة غالبيتها مع مصر في حركة عدم الانحياز ومجموعة ال 77. لابد ان نعترف بان العلاقات الاقتصادية لم تكن ابدا علي نفس المستوي وانها تركزت علي مدي السنوات الاخيرة في تعاقدات اللحوم المجمدة. حدث هذا الاهمال الذي يدل علي قصر النظر وسوء التخطيط الاستراتيجي رغم ان اسواق هذه الدول مهيأة تماما لاستقبال الانتاج المصري بالاضافة الي اتاحة فرصة لمجالات كثيرة من التعاون وتبادل الخبرة. اذكر بهذه المناسبة انني كتبت مقالا في 21 نوفمبر 8002 تحت عنوان »متي ننفتح اقتصاديا وسياسيا علي دول امريكا اللاتينية« اشرت الي جهود الانفتاح علي قارتي أفريقيا وآسيا بعد فترة طويلة من عدم الاهتمام متمنيا ان يمتد الي دول هذه القارة الشاسعة والتي حققت بعض دولها في السنوات الاخيرة طفرات هائلة في مجالات التقدم. تمثل ذلك في دولة البرازيل التي نجحت في عبور مرحلة طويلة من التأخر الي درجة الوصول الي حافة الافلاس لتصبح من اولي الدول البازغة اقتصاديا وصناعيا علي مستوي العالم. الغريب انه وفي الوقت الذي تحرص غالبية دول القارة اللاتينية علي دعم ومساندة قضايانا السياسية امام المحافل الدولية الا اننا ومن منطلق ريادتنا العربية والاسلامية ظل تقاربنا معها دون المستوي. وفي منتصف عام 9002 يبدو اننا انتبهنا الي اهمية هذه الدول علي ضوء الدور الذي بدأت تقوم به دولة البرازيل اكبر دول القارة خاصة في منظمة التجارة العالمية وقيادة الدول النامية. دفعت هذه الصحوة أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الي القيام بجولة في المنطقة مبعوثا للرئيس حسني مبارك الذي كانت قد وُجهت اليه دعوات عديدة من رؤساء دولها. لقد نجحت هذه الزيارة في وضع ركيزة للتنسيق والتعاون بين مصر وهذه الدول. وفي ذلك الوقت كتبت مقالا بتاريخ 2 يوليو 9002 مرحبا بهذه المبادرة من جانب وزير الخارجية تحت عنوان »تحرك طال انتظاره« متوقعا ان تكون لها تأثير ايجابي علي مستقبل العلاقات مع الدول اللاتينية. وفي اطار السعي الحماسي لتعظيم قائمة الصادرات المصرية الي العالم الخارجي للوصول بها الي 002 مليار دولار.. تمشيا مع الجهود التي يقودها المهندس رشيد جاءت زيارة الارجنتين وبعض دول امريكا اللاتينية مستهدفة دعم هذه الاستراتيجية المستقبلية. يأتي هذا التحرك في اطار الايمان بان تنمية الصادرات هي الطريق الوحيد لتحقيق النهوض الاقتصادي. بالطبع فان هذا مرهون بالتوسع الصناعي وتجويد المنتج بما يجعله قادرا علي المنافسة. ان تحقيق هذا الهدف يعني دق مسمار في نعش البطالة. ورغم تواجدنا علي الساحة الاقتصادية وبالتالي الساحة السياسية العالمية فاننا لم نتمكن من ان نجاري كلا من الصين وماليزيا وكوريا في هذا المجال. لا استطيع ان اقول ان الطريق امامنا سهل ولكنه يحتاج الي مجهودات وعقول ومبادرات مع بث روح التحدي في نفوس العمالة المصرية بما يساهم في رفع الانتاجية لسد احتياجاتنا المحلية وضمان فائض للتصدير الخارجي. جلال دويدار [email protected]