تبلغ قمة سماحة الاسلام في موقف النبي صلي الله عليه وسلم من المسيح عيسي وأمه مريم العذراء- عليهما الصلاة والسلام- حين دخل مكة مع المسلمين فاتحا وحطم الاصنام من حول الكعبة ووجد صور الانبياء والملائكة معلقة علي حوائطها، فأمر بإزالة كل الصور ما عدا صورة واحدة وضع يديه الشريفتين عليها.. هي صورة عيسي المسيح مع أمه مريم، وبقيت مرسومة علي احد الاعمدة الداخلية الستة للكعبة وهو العمود الذي يلي الباب قبل ان يزيلها تجديد الاعمدة ورأي كثير من الصحابة والتابعين الصورة وتحدث احدهم عنها قائلا: »ادركت تمثال مريم مرَوَّقاٍ في حجرها عيسي قاعدا«. وبعد ان بينا علاقة التعارف التي وضعها الاسلام كقانون يحكم علاقة المسلمين بغيرهم فهناك سؤال يردده كثيرون ممن لا يعرفون حقيقة هذا الدين وسماحته مع الآخرين فلماذا الحرب اذن؟ والاجابة ان القتال في فلسفة الاسلام استثناء او ضرورة تفرضها ظروف خاصة هي رد اعتداء الاخرين عليهم فالاختلاف في الدين ليس سببا للحرب بل هو العدوان بدليل منع الاسلام حرمة قتل المرأة والصبي والاعمي والمعوق والراهب في جيش العدو لان هؤلاء لا يتصور منهم عدوان ولا قتال.. وقد رأي النبي صلي الله عليه وسلم في ساحة القتال امرأة مقتولة فأنكر ذلك وغضب وقال: »ما كانت هذه لتقاتل، فكيف قتلت؟ ومادام الآخرون لا يعتدون علي المسلمين فلا يجوز لهم ان يبدأوهم بالقتال؟ ومثل الاعتداء علي الوطن، الاعتداء علي العقيدة يجب دفعه وبعدم تجاوز الحد، والعقيدة هنا ليست عقيدة الاسلام فقط بل اي دين سماوي والاسلام يكلف المسلمين بالحرب ِليُؤَمّنُوا للمسيحيين ولليهود حرية العبادة في الكنائس والمعابد بمعني ان الحرب الدفاعية في الاسلام هي عن المساجد وعن اماكن عبادة غير المسلمين سواء بسواء.. ان الاصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو »السلم« وليس »الحرب«.. وللحديث بقية. محمود غنيم