[email protected] يطرح قرار الرئيس الامريكي باراك أوباما بإقالة الجنرال ستانلي مكريستال من منصبه قائدا للقوات الامريكية في افغانستان سؤالا عما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين السياسي والعسكري والحدود التي يتعين ألا يتم تخطيها بين الاثنين مهما كانت المخاطر التي يمكن أن يؤدي اليها مثل هذا القرار. مكريستال هو مهندس استراتيجية الحرب التي تتبناها إدارة أوباما في أفغانستان وهي حرب ليس من الواضح بعد مرور تسع سنوات عليها إن كانت الولاياتالمتحدة قد تكسبها. مكريستال وبعض مساعديه ابدوا ملاحظات في مقال نشرته مجلة أمريكية استخفوا فيها بأوباما ونائبه جو بايدن ومسئولين مدنيين كبار آخرين. أوباما قال تبريرا لقراره بإقالة مكريستال إن "السلوك الذي ظهر في المقال الذي نشر في الآونة الاخيرة لا يفي بالمستوي الذي يجب ان يعطيه جنرال يتولي القيادة. انه يقوض القيادة المدنية للجيش التي تأتي في جوهر نظامنا الديمقراطي. وهي تقوض الثقة اللازمة لفريقنا للعمل معا لتحقيق اهدافنا في أفغانستان." عندما تتلاشي الحواجز وتتداخل الأدوار يصبح من المستحيل تحديد المسئولية وهو أمر من الصعب أن تقبل به دولة ديمقراطية مثل الولاياتالمتحدة. وقد سبق أن حدث أمر مشابه عام 1951 من عسكري أمريكي آخر كان يحظي بشعبية جارفة هو الجنرال دوجلاس ماك آرثر إبان الحرب الكورية ولم يتردد الرئيس وقتها هاري ترومان في اتخاذ قرار مماثل لما اتخذه أوباما. إن من حق العسكري أن يعبر عن كل ما يراه أثناء وضع الخطة ويمكن له أن يقدم استقالته إن كان لا يوافق عليها لكن ليس من حقه أن يخلط بين ما هو عسكري وما هو سياسي رغم صعوبة الفصل بينهما أحيانا لأن تلك في النهاية هي مسئولية الرئيس المنتخب. لقد كان الافتقار الواضح الي مثل هذا التحديد للأدوار والالتزام الدقيق بالفصل بينها هو الذي أدي الي ما تعرضنا له في الخامس من يونيو 1967 نتيجة تداخل العسكري في السياسي والسياسي في العسكري. وبعد مرور 43 عاما علي النكسة التي لا تزال تلقي بظلالها علي المنطقة كلها فلا أحد يعرف علي وجه القطع حتي الآن من الذي اتخذ قرار الانسحاب من سيناء وبالشكل الذي تم به. المفارقة المرة هي أن هناك رغم ذلك بعض التشابه بين ما حدث لنا عام 67 وبين ما حدث للجنرال مكريستال عام 2010. يقال لنا حتي الآن إن حشد قواتنا في سيناء لم يكن بهدف الحرب وانما كان بهدف تهويش اسرائيل لكن الفاس وقعت في الراس وكان ما كان. ويقول رئيس تحرير مجلة رولينج ستون التي نشرت المقال/الأزمة إن الجيش الامريكي حين أعطي المجلة تصريحا بلقاء القائد الامريكي الأعلي في أفغانستان كان يأمل علي الأرجح في ابراز صورة ايجابية قد تجذب مزيدا من المتطوعين الشبان لا تفجير فضيحة كلفت الجنرال مكريستال منصبه. لقد اعتذر مكريستال قائلا إن المقال وما تضمنه "كان خطأ يظهر سوء تقدير وكان يجب ألا يحدث علي الإطلاق" لكن هذا لم يشفع له كما لم تشفع له خدمته العسكرية المتميزة.