في الأسبوع الماضي نشرت رسالة تلقيتها علي موقعي الإلكتروني تحت عنوان لافت يقول: »أرجوكم.. أرجوكم.. ثم أرجوكم..« تنبهنا كاتبة الرسالة »نانوش« .. كما تعرّف نفسها بأن [درجة حرارة هذا الصيف تجاوزت44درجة، وأن العديد من الطيور ماتت وتموت من العطش نتيجة نقص المياه]. ولم تكتف السيدة ذات المشاعر الإنسانية النادرة بهذا التنبيه والتذكير، وإنما طالبتنا في رسالتها [ بأن نترك وعاء »طاسة« يحتوي علي الماء في شرفات الشقق، أو الساحات، والحدائق، إنقاذاً لأرواح أكبر عدد ممكن من الطيور المهددة بالموت عطشاً]. ولأن كاتبة الرسالة الإلكترونية التي وصلتني، ووصلت للكثيرين معي تعلم مقدماً أن طلبها الغريب قد يضحك، ويدهش، معظم من يقرأ ويسمع عنه، لأن لدي هذه الأغلبية الكاسحة أموراً أهم ألف مرة من الاهتمام بتقديم الماء للعصافير أو الحيوانات أو حتي النبات! فهناك مشاكل حيوية، صعبة، ومرهقة، ولا تنتهي .. يواجه بها المواطن منذ مغادرته فراشه صباحاً، وحتي عودته للارتماء فوق فرشته قبيل منتصف الليل! مواطن هذه مشاكله، وتلك آلامه التي تفوق آماله.. لا ينتظر منه أن تهتز شعرة في رأسه وهو يري بعينيه العصافير والحيوانات يغمي علي بعضها من شدة الحر، ويموت بعضها الآخر عطشاً وجوعاً! توقعاً لهذه النتيجة .. فاجأتنا صاحبة الرسالة بقولها: [إن 93٪ ممن قرأوا الرسالة لن يعيدوا إرسالها إلكترونيا إلي معارفهم، وأعضاء جماعاتهم]. واختتمت رسالتها بسؤال تتحدي فيه القراء: [ .. وأنت : هل ستكون واحداً من ال 93٪؟!]. انتهت الرسالة.. لكنني اهتممت بها، وأعدت نشرها يوم الأحد قبل الماضي، مبدياً احترامي لمشاعر كاتبة الرسالة، ولإنسانيتها المرهفة لدرجة إهتمامها بإنقاذ أرواح الطيور والحيوانات والنبات كما نهتم بإنقاذ أرواح البني آدمين. وبالأمس.. تلقيت رداً علي الرسالة الغريبة، من بلدياتي السيد المهندس/ ضياء الجلاد، الخبير البترولي، جاء فيه: .. إبراهيم سعده [تأثرت كثيراً بما نشرتموه منذ أيام عن الإبنة الفضلي »نانوش« ، ودعوتها التي قد يراها البعض غريبة وعجيبة. وكان تأثري راجعاً لأن إبنتي في بورسعيد تفعل الشيء نفسه، بل وتزيد عليه. فهي تقوم بتعليق وعاء بلاستيكي كبير يحتوي علي ثلاثة أواني فخارية أوعية الزبادي بتاعة زمان تملؤها يومياً بطعام العصافير. أول وعاء فخاري يحتوي علي حبوب »الفلارس«، والثاني يحتوي علي حبوب »الدنيبة« والثالث مخصص لحبوب »البنكم«..لأن هذه الحبوب الثلاث تلائم كل أنواع الطيور التي تحيط ببيئتنا. وإلي جانب أواني الطعام، تضع إبنتي وعاء رابعا يملأ بالماء النقي النظيف يومياً. هذه المنظومة المعلقة خارج الشرفة بين قصاري المزروعات بالدور الأول علوي الذي يطل علي حديقة رائعة أقمناها بجهودنا الذاتية ولك أن تتخيل يا أستاذي الفاضل كم العصافير التي تتردد علي المكان مرتين علي الأقل يومياً عادة بعد الفجر وبعد العصر ولن تتخيل كم السعادة التي نشعر بها جميعاً لسماع زقزقتها الرائعة التي تصدح بها في كل مكان. سبحان الله.. عندما نراقبها من خلف زجاج النافذة، نجد العجب. العصافير تصطف علي غصن شجرة »البونسيانا« الملاصقة للبلكونة في نظام وصبر بديعين، والكل ينتظر دوره في تناول الطعام وشرب قطرات من المياه، بينما مجموعة أخري من العصافير تلتف حول الأواني في دائرة بديعة تأكل وتشرب ، ثم تغادر المكان ليستقبل مجموعة أخري وتالية. حقاً.. سبحان الله.. نظام ولا نظام الجيوش. والحمد لله لأني أقوم بتشجيع إبنتي علي استمرار تقديمها الماء والحبوب للعصافير، وهل تصدقني أستاذ إبراهيم لو قلت لك أنه من يوم أن فعلنا ذلك وأبواب الرزق كأنما فُتحت علي مصراعيها أمامنا، وأصبحنا في نعمة من الله .. بل نعيم من الحي الرزاق.. سبحان الله. ضياء الجلاد خبير بترول بالبحر الأحمر شكراً لبلدياتي السيد/ ضياء الجلاد، الذي أكد لي ولصاحبة الدعوة من قبلي إن الإنسانية في بلادنا مازالت بخير. أو هكذا أظن.