اعتبرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن انسحاب محمد البرادعي من سباق الانتخابات الرئاسية المصرية بمثابة "نكسة استراتيجية" بالنسبة لليبراليين والعلمانيين في مصر. وأشارت الصحيفة إلى أن الليبراليين والعلمانيين في مصر علقوا آمالاً كبيرة على ترشح البرادعي للرئاسة المصرية لعبور مصر نحو الإصلاح، إلا أنه لم يتمكن من سد الفجوة بين المحافظين من العلمانيين والمتدينين، وأن جماعة الإخوان تعتبره ليبراليًّا متشددًا. وأوضحت أن البرادعي تمكن بشعاراته الديموقراطية ذات الطابع الغربي من استقطاب عدد من الشباب والمفكرين الذين تظاهروا في ميدان التحرير، لكنه لم ينجح في استقطاب العديد من "أبناء المناطق الريفية في مصر والتي يوجد بها الإسلاميون بقوة". وأشارت الصحيفة إلى أن انسحابه جاء بعد انقسام الأحزاب السياسية والدينية والحركات الاحتجاجية المطالبة بالتغيير في مصر على "اقتسام الكعكة والفوز بدور أكبر خاصة على الصعيد السياسي" وفشلت كل الجهود التي بذلت لتوحيدها. وأوضحت أن فرص فوز البرادعي بالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر يونيو المقبل قد تقلصت، لعدم قدرته على حشد تأييد المنظمات السياسية أو مناشدة الأحزاب الدينية في مصر، بينما استعادت جماعة الإخوان فرض نفسها على الساحة والمشهد السياسي في مصر، مشيرة إلى أن هذا الوجود القوي للإخوان ضيَّق الخناق على البرادعي مما اضطره إلى اتخاذ قراره بعدم خوض الانتخابات الرئاسية. وأكدت أن بعض المصريين أصيبوا بخيبة الأمل في البرادعي، ونقلت عن مهندس مصري يدعى محمد طارق قوله: إن "هذه ليست المرة الأولى التي يخيب فيها البرادعي ظني به، فهو لم يكن بين صفوف الناس عندما كانوا في حاجة إليه بشدة في العديد من المناسبات.. وأعتقد أن الرجل يمتلك أفكارًا ورؤية عظيمة لكن في بعض الأحيان أشعر بأنه يرغب في العيش في الفردوس حيث الجميع هناك لا تشوبه شائبة". وكان الدكتور حسن نافعة - أستاذ العلوم السياسية - قد أكد أن البرادعي انسحب من انتخابات الرئاسة؛ لأنه استنتج ضعف فرصته في النجاح، وقال: "انسحاب البرادعي ربما يكون ذكاءً شخصيًّا لكنه في الوقت ذاته اعتراف بالهزيمة ولا يصب في الصالح العام، فمصر تبحث عن انتخابات يتنافس فيها كل الذين يستطيعون أن يخدموا أبناءها". يذكر أن الدكتور محمد البرادعي - المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية – أعلن أمس السبت عن انسحابه من سباق الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر. وجاء الإعلان عن انسحاب البرادعي بعد أن عقد اجتماعًا مغلقًا بعد مع عدد من الإعلاميين الليبراليين ومن بينهم إبراهيم عيسى ومجدي الجلاد والدكتور علاء الأسواني وريم ماجد وحسين عبد الغني ووائل قنديل وعبدالرحمن يوسف ويسري فودة ودينا عبد الرحمن، بمقر حملته الانتخابية بالقاهرة، ولم يسمح للصحافيين بحضور الاجتماع. وساق البرادعي مبررات كثيرة لانسحابه لم يأتِ فيها على ذكر لانخفاض شعبيته الذي يزداد يومًا بعد يوم بين جماهير المصريين، بالإضافة إلى اكتساح التيارات الإسلامية لانتخابات مجلس الشعب في ظل صعود أسهم منافسيه الإسلاميين في سباق الرئاسة كالشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وعبد المنعم أبو الفتوح، وهو ما يرى مراقبون أنهما كانا أبرز سببين وراء انسحابه فيما يبدو أنه خطة استباقية لموقف جماهيري إعلامي.