.. وكأن ثورة لم تقم.. وكأن نظاما لم يسقط..!! هذا ما قصده البرادعي وما يعنيه في بيانه الذي أصدره معلنا انسحابه من الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة ففي اعتقاده أن الظلم والفساد مازالا يجثمان علي صدور المصريين.. ويقوم بذلك ويسانده المجلس العسكري الذي وصفه بربان يقود سفينة علي غير رغبة ركابها..!! إن الدكتور البرادعي وإن كنت اختلف معه في أفكاره إلا أنني كنت ضد من تناول شخصه وعائلته في يوم من الأيام وطالبت ممن هاجموه أن يناقشوه ويحكموا عليه من خلال أفكاره وبرنامجه الانتخابي ومما سيقدمه لمصر. وبقراءة متأنية في بيانه المرسل لم يذكر الأسباب الحقيقية التي دعته إلي اتخاذ مثل هذا القرار الذي فاجأ به الجميع.. والتي يأتي في صدارتها شعبيته التي تضاءلت وتناقصت في الأيام الأخيرة بعد تنامي وصعود التيار الإسلامي وبذلك قلت فرصة نجاحه.. أضف إلي ذلك أنه يخشي مواجهة ذلك التيار باعتباره شخصية علمانية ليبرالية وكذلك خشيته من فتح ملف العراق الذي أساء إليه من قبل. غير أن البيان في هذا الوقت بالذات وقبل الاحتفال بالعيد الأول لثورة يناير إنما يعني ازدياد احتقان الشعب والقوي الثورية من المجلس العسكري وبمثابة ضغط عليه لتسليم الحكم إلي سلطة مدنية كما أنه يعتبر فتيلا آخر لإشعال الثورة من جديد.. والعودة إلي المربع صفر. إن رئيس الجمعية الوطنية للتغيير والذي كان الشباب يعلق عليه آمالا عظيمة في الأخذ بيد مصر نحو الديمقراطية وعصور أزهي مما مضي خرج من قلب المعركة وفضل عدم المواجهة المباشرة والتعامل مع الأمور بطريقة أكثر نظرية علي طريقة قلبي معاكم إنما يعد انسحابه هروبا من مواجهة الواقع والخوف من الفشل وكان من الأولي له أن يمضي قدما في سباق الترشح فلا أحد يضمن نجاحه ولا أحد يضمن بقاءه في السلطة. وإن كان يريد بانسحابه إحراج باقي المرشحين وأنه أبعد نظرا منهم ولن يرشح نفسه حتي تستقيم الأمور بنجاح الثورة وسقوط الظلم إلا أنهم كانوا أقوي وأشجع منه بمواجهة الفساد ومحاولة إسقاطه والتغيير إلي الأفضل ولا ينتظرون تمهيد السبيل للرئاسة.. وإذا كان هذا ما يريده فماذا سيفعل إذن بعد وصوله إلي الكرسي؟! إن البرادعي يبدو في موقفه هذا أنه نرجسي أكثر من اللازم وهذا ما يعرف عنه كما يري بعض المحللين من أنه شخص يفضل أن يكون رمزا فرديا لا قائدا لمجموعة عمل بدليل أنه لم يكون حزبا سياسيا حتي الآن.. وأنه دائما ما يخيب فيه ظن الناس عندما يحتاجونه بشدة رغم امتلاكه للأفكار والرؤي العظيمة ولكنه يرغب العيش في الفردوس.. وفي مجتمع لا تشوبه شائبة. إن الدكتور البرادعي تخيل نفسه أنه سيدخل القصر الرئاسي علي صهوة جواده ليحكم المدينة الفاضلة وليس بلدا غاب عنه الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وشعبا يعاني الظلم والفقر والعدالة الغائبة في توزيع الثروات ويحتاج إلي من يعيد إليه آدميته ..ولكنه غاب عنه ذلك. آخر الكلام * للذين يتباكون علي البرادعي وصوروا لنا أن مصر لم تنجب غيره.. مصر لا تختزل في شخصه.. فمصر باقية والأشخاص زائلون..!!