ذكرت مجلة «فورين بوليسي» في تقرير للكاتب الأمريكي، كيث جونسون، أن أزمة الطاقة في مصر، وليس الإرهابيين، يمكن أن يكون سبب تراجع رجل مصر القوي، المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي. وأوضح التقرير أن مصر تواجه الكثير من التهديدات، بداية من تنامي الإرهاب في سيناء، وحتى النظام الرئاسي الهش وغير المستقر، ولكن التحول الدراماتيكي الذي حدث في ثروات الطاقة في البلاد في السنوات الأخيرة، وما ينتج عنه من تحديات صارخة بالنسبة للاقتصاد، سيسبب أكبر صداع للسيسي.
وقال التقرير إن أكثر ما يدل على مدى سرعة تغير الموقف المصري فجأة، هو ما يتردد بشأن محادثات عن استيراد مصر الغاز من إسرائيل، وذلك بعد أقل من عامين على توقف صادرات القاهرة لها.
وأشار إلى أن مصر اليوم تسعى جاهدة لاستيراد الغاز الطبيعي فقط لتلبية الارتفاع الشديد في الطلب المحلي، وكذلك تراجعت الصادرات بشكل كبير، خاصة بعد إغلاق إحدى محطتي الغاز الطبيعي، منذ عام 2012، والتي كانت تصدر إنتاجها إلى جنوب أوروبا، والأخرى محرومة من الغاز، لزيادة الطلب المحلي.
ويرى التقرير أن هذا الانقلاب المفاجئ هو نتيجة لسياسات اقتصادية خاطئة، وأهمها دعم أسعار الوقود المستخدمة في المنازل، والتي تشكل النسبة الأكبر في استهلاك الغاز، فارتفع الطلب المحلي 25% بين عامي 2009 و 2012، ويعتبر هذا هو أحد أسباب القلق الكبيرة حول قدرة السيسي على مواجهة التحديات الاقتصادية في البلاد.
ولفت إلى أن أزمة الطاقة التي تهدد قطاع الطاقة الكهربائية، وكثير من الصناعات المصرية، بالإضافة إلى توقع صندوق النقد الدولي تحقيق مصر نموا بحوالي 2.8% فقط هذا العام، من بين أدنى المعدلات في المنطقة، وهو ما يرفع نسبة البطالة، سيننتج عنه تكرار اضطرابات عام 2011 وعام 2013، والتي أسقطت مبارك ومرسي.
وقال ستيفن كوك، خبير مصر في مجلس العلاقات الخارجية السياسة الخارجية ل«فورين بوليسي» إن «السيسي سيكون عليه مواجهة هذه المشاكل الاقتصادية الخطيرة، أم أنه سيواجه نزول الناس في الشوارع للطالبة بالتغيير، ولن تكون فقط جماعة الإخوان المسلمين هى من تنزل».
ونوه التقرير إلى أن «مصر صدرت، عام 2009، حوالي 647 ألف قدم مكعب من الغاز المسال إلى أوروبا، وإسرائيل والأردن، وبحلول عام 2012، انخفضت الصادرات إلى أقل من النصف، أو 256 مليار قدم مكعب»، مضيفا أن «أظهرت أحدث الأرقام الحكومية تراجع 50% تقريبا من حجم صادرات الغاز على أساس سنوي».
وأضاف أن رفع أسعار الطاقة المحلية من شأنه تأجيج الاضطرابات الاجتماعية، ولكن الاستمرار في انفاق المليارات على دعم الطاقة، سيفاقم العجز، وسيوقف مصدرا كبيرا من عائدات التصدير.
وتابع أنه في هذه الأثناء، لتلبية الطلب وسد نقص العرض في السنوات المقبلة، تسعى الحكومة المصرية لاستيراد الغاز الطبيعي، ما يعد انقلابا حقيقيا صارخا لبلد كان موردا كبيرا.
ويرى التقرير أن هناك مشكلتين كبيرتين مع هذه الاستراتيجية، وهما إن الحكومة لا يمكنها بناء محطة للغاز الطبيعي المسال لاستقبال الغاز وعرضه للسوق المحلية، وأيضا أن أسعار الغاز المستورد الأعلى بكثير من الغاز المصري.
وانتهت إلى ما قاله الباحثين إريك تراجر، وجلعاد وينيج، مؤخرا في دورية «فورين أفيرز» الأمريكية، أن «طوابير الوقود الطويلة، وانقطاع الكهرباء المستمر، الذي حدث إبان حكم مرسي، سيعود مع السيسي، ما سيثير غضب الجمهور، ويشجع الاحتجاجات».