وسط تقارير اخبارية افادت في الايام الاخيرة ان قوات المعارضة السورية تسعى للسيطرة على طريق درعا-دمشق تمهيداً للسيطرة على العاصمة السورية، نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الاثنين تقريراً من مراسليها مارتن تشيلوف وهارييت شيروود يقولان فيه ان اسرائيل تخشى من ان يستخدم "الجهاديون" مناطق هضبة الجولان التي انسحب آلاف من جنود الجيش النظامي السوري منها في الايام القليلة الماضية منطلقاً لشن هجمات عليها. وتوحي عمليات اعادة انتشار القوات السورية النظامية بان الحكومة السورية تريد حماية طريق درعا-دمشق من هجمات المعارضين. وهنا نص التقرير: "سحبت الحكومة السورية اعدادا كبيرة من الجنود من مرتفعات الجولان في خطوة القت بالشك على مستقبل قوات الاممالمتحدة للمحافظة على السلام في الهضبة ذات الاهمية الاستراتيجية الكبيرة وزادت من خطر تدخل اسرائيل في الصراع. وقال دبلوماسيون غربيون ان عمليات اعادة انتشار القوات السورية قرب خط وقف اطلاق النار في الجولان هي الاكبر خلال 40 سنة، اذ يعتقد ان بضعة آلاف من الجنود نقلوا في الاسابيع الاخيرة الى جبهات قتال اقرب الى دمشق. وانتقلت مجموعات ثوار الى الفراغ الناشىء، وتخشى اسرائيل من ان يستخدم "الجهاديون" المناطق منطلقاً لهجمات على المناطق التي تسيطر عليها. وفي غضون ذلك تجد قوة مراقبي الاممالمتحدة على مرتفعات الجولان (اندوف) نفسها عرضة للخطر اكثر من اي وقت سابق بينما صار معروفا ان الدول المشاركة بجنود في هذه القوة تعيد النظر في التزامها، ويشمل هذا النمسويين الذين يقدمون اكبر عدد من الجنود فيها. وكان من المعتقد حتى وقت قريب ان الحدود الشرقية لمرتفعات الجولان، وهي ارض مرتفعة احتلتها اسرائيل خلال حرب الايام الستة في 1967، توجد فيها اربع فرق من الجيش السوري ساعدت مواقعها في جعل الجولان اكثر حدود اسرائيل الاربعة امانا لما يزيد عن من اربعة عقود. وقال مصدر دبلوماسي غربي عن التغييرات السورية: "لقد نقلوا (الحكومة السورية) بعضا من افضل الويتهم بعيدا عن الجولان. وضعوا بدلا من بعضها الوية رديئة النوعية، وقلصوا الاعداد. انها تحركات كبيرة". وتوحي تقارير اعلامية منفصلة في اسرائيل بان عمليات اعادة الانتشار السورية يمكن ان تشمل ما يصل الى فرقتين – اي نحو 20 الف جندي. وقال مسؤول حكومي اسرائيلي رفيع المستوى: "اندوف (القوات الدولية على الجولان) ذات اهمية قصوى، الآن اكثر من اي وقت سابق. نعلم ان بعض الدول المشاركة تعيد النظر (في مساهماتها) ونحن قلقون من ذلك. اننا نتحدث اليهم لمحاولة فهم ما ينوون عمله اذا صار الموقف اسوأ. نعلم ان بعضهم يتردد، وهذا وضع شائك. "نتحدث ايضاً الى نيويورك (مقر الاممالمتحدة) بشأن هل يمكن ان تكون هناك قوة بديلة اذا ما انسحبت مفرزة ما. لا نتصور سيناريو تحل فيه "اندوف" نفسها، ولكننا نعي جداً هشاشة الوضع". وكانت كرواتيا قد سحبت جنودها من قوات المراقبة الدولية في شباط (فبراير)، الامر الذي وضع العبء على النمساويين لمواصلة البقاء في مواقعهم. وقال مسؤول اسرائيلي كبير آخر: "من الواضح ان قوات المراقبة الدولية تواجه مشكلة عويصة للغاية في التغلب على التحديات. غير ان مسؤولي الامن القومي الاسرائيليين يشعرون بشكوك واسعة تجاه المنفعة الحقيقية من وراء القوات الدولية في التعامل مع قضايانا الامنية. "نحن نشعر بقلق شديد (في ما يتعلق الامر بالجولان). فقد ظلت المرتفعات هادئة بشكل ملحوظ منذ العام 1974. غير ان ذلك تغير الان، ونتابع التطورات عن كثب. وكما تعرف فاننا نقيم سياجا على امتداد الحدود ونراقب الامور عن قرب. ونحن نعي وجود اطراف فاعلة مختلفة بالقرب من الحدود، ونراقبهم عن كثب". وقال الجنرال باروخ سبيغل، القائد السابق لوحدة الارتباط في الجيش الاسرائيلي المسؤول عن العلاقات مع قوة حفظ السلام ان "الوضع في غاية الحساسية (مع قوات المراقبة الدولية). ومن المهم ايجاد آلية تسمح لهم بالبقاء، ولكنني لست واثقا من امكان ذلك نظر للوضع في سوريا. "اذا لم تتمكن الاممالمتحدة من القيام بمهامها كاملة، فان ذلك سيخلق مشكلة كبرى. وليس هناك من يستطيع ان ينبئك بالنتيجة النهائية. نحن لم نواجه قط مثل هذا الوضع، ولكن علينا ان نتصرف بمسؤولية دقيقة، وسيناريوهات الحالات السيئة يمكن ان تنبئ بنتائج سيئة". يمثل الجنود النمساويون ما يقارب ثلث قوات المراقبة الدولية البالغ عددها 1000 رجل، وتعتبر اساسية لحياة البعثة. ولم تتخذ فيينا اي قرار تجاه سحب قواتها، غير ان من المعروف ان الحكومة عقدت مباحثات قبل وقت قصير بشأن هذه القضية. ولم ترد وزارة الخارجية النمساوية على المكالمات الهاتفية. وشهدت المنطقة التي تمتد بين مدينة درعا السورية الجنوبية، التي بدأت فيها الانتفاضة في آذار (مارس) 2011، والحدود الاردنية اكثر المعارك نشاطا في البلاد منذ اوائل كانون الثاني (يناير). وتمكنت المجموعات الثورية والجهادية من تحقيق مكاسب حقيقية على الارض منذ اواخر كانون الثاني، من بينها اراض في محافظة القنيطرة القريبة من اسرائيل، حيث تمكنوا من الاستيلاء على قاعدة مدفعية قبل اسبوعين قرب منطقة الجولان المنزوعة السلاح. ومنذ ذلك الوقت اقفل المعبر الحدودي الرئيسي الى الاردن، وقال مسؤولون في المعارضة السورية انه يستخدم الان طريقا لاعادة تموين المجموعات الثورية. كما ان من المعروف ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية قامت بتدريب عدد قليل من الثوار السوريين في قواعد في الاردن في محاولة لدق إسفين بين المجموعات الجهادية مثل "جبهة النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة" والتي تواصل تحقيق تفوق في جبهات القتال السورية الرئيسية. وقالت مصادر مطلعة رفضت التعريف بهويتها، ان بعض الثوار الذين دربتهم الولاياتالمتحدة انتشروا في منطقة لجولان ليكونوا فاصلا بين "الجهاديين" والوحدات الاسرائيلية. وكانت اسرائيل قد ذكرت وقوع حوادث باستخدام اسلحة صغيرة ضد وحداتها العسكرية قرب خط وقف اطلاق النار. واطلقت صواريخها ثلاث مرات ردا على ذلك عبر الحدود، لكنها لم تتهم علنا سواء المجموعات الثائرة او القوات الموالية بهذه الهجمات.