الطلاب: الأوانى غير نظيفة والطعام يلقى على الأرض فى «جرادل» مكشوفة تأكل منه القطط والفئران طالب لمشرف التغذية: أرى الديدان بعينى.. والمشرف يرد: الديدان تذوب بالسخونة جلس جبريل خليل الطالب بالفرقة الثانية لكلية التريبة قسم اللغة العربية يتناول وجبة غذائه أمس الأول فى مطعم المدينة الجامعية بجامعة الأزهر دون أن يشعر بالقلق رغم تسممه فى اليوم السابق من تناول الفراخ. ابن محافظة سوهاج تمسك بتناول الطعام فى المدينة بالبون المخصص له، متأكدا من أن المسئولين انتبهوا لما حدث مما يجعله غير قابل للتكرار.جبريل هو أحد الطلاب الذين أصيبوا بالتسمم قبل يومين ونقل إلى المستشفى فى التاسعة مساء ثم عاد فى الثالثة فجرا، ليواصل حياته داخل المدينة الجامعية بشكل طبيعى، يحضر محاضراته ويتناول وجباته ويسير يومه بالشكل المعتاد وكأن شيئا لم يكن.المدينة الجامعية لطلاب الأزهر التى شهدت حالات تسمم الطلاب، عاشت ساعات من الفوضى وتحديدا داخل المطعم خلال صرف وجبة الغذاء فى اليوم التالى للحادثة، «الشروق» رصدت معاناة الطلاب فى الحصول على «وجبة غذاء» غالبا ما تفتقد معايير الطعام السليم، بحسب الطلاب.فى الوقت الذى تكدس فيه عشرات الطلاب أمام بوابة المدينة الجامعية حاملين حقائبهم للمغادرة، كانت المطاعم المجاورة للمدينة تشهد زحاما شديدا من طلاب آخرين فضلوا البقاء وممارسة حياتهم بشكل طبيعى رغم الحادث.أحمد حسن طالب بالفرقة الأولى بكلية الإعلام، أحد المغادرين قال إن الإقامة بالمدينة تشمل الوجبات، ويتم حساب قيمة تلك الوجبات ضمن الرسوم المدفوعة مقدما، حيث يدفع الطالب خلال الترم الاول 350 جنيها، وفى الترم الثانى 210 جنيهات، «لكن الطعام المقدم للطلاب سيئ للغاية، وسبق أن قدمنا العديد من الشكاوى ضد المطعم لكن لم يستجب أحد».حالة الفوضى والارتباك المرورى التى عاشتها منطقة مدينة نصر مع انتفاضة الطلاب ضد الجامعة وإدارتها، جعلت منع دخول طلاب أو عناصر من خارج المدينة أمرا صعبا، وبينما اكتفى فردا الأمن الموجودان على بوابة المدينة الرئيسية بتحضير الشاى وتناوله والتسامر فيما بينهما، كانت البوابات مفتوحة أمام الجميع.غالبية الطلاب بالمدينة والبالغ عددهم أكثر من 7 آلاف قرروا عدم تناول طعام المدينة، المدفوع مقدما عبر الرسوم المقررة سنويا، واشتروا من المطاعم المجاورة للمدينة التى ضاعف بعضها الكميات لمواجهة الزيادة الكبيرة فى الطلبات.فى المطبخيأتى الطلاب المقيمون بالمدينة من مبانيها المختلفة المسماة على أسماء صحابة النبى الكريم، نحو المطعم الواقع بجوار مبنى أبوبكر الصديق.مبنى المطعم مكون من طابقين، الأرضى ويتم فيه تحضير الطعام وغسل الاوانى، أما الدور العلوى فتوجد فيه صالة التغذية، ومنفذان لصرف الطعام وتنقل أوانى الأطعمة عبر مصعد داخلى نظرا لضخامتها.نظام التغذية فى المدينة، بحسب أحد المشرفين على المطعم طلب عدم نشر اسمه، يعتمد على تنويع مصادر البروتينات على مدى الاسبوع، فيوما الاحد والخميس يصرف المطعم اللحوم للطلاب، والاثنين والاربعاء تحتوى الوجبة على الدجاج، بينما تصرف علب التونة يوم الثلاثاء، فيما يتسلم الطلاب العشاء والافطار كوجبة واحدة فى المساء.فى الطابق الارضى تبدأ مواعيد تسلم وجبة الغذاء من الساعة 11.30 صباحا وحتى 4 عصرا، وبالتالى يبدأ عمل الطهاة فى السادسة صباحا، حيث يتوقفون عن طهى وجبة الغذاء بعد وقت قليل من فتح باب التسليم للطلاب، بينما يبقى الطعام محفوظا داخل الاوانى إما على نار هادئة بالنسبة للخضروات، أو ملقى على الارض فى «جرادل» مكشوفة مما يجعله عرضة للعبث به من القطط والفئران المنتشرة بالمكان، بحسب مشاهدات «الشروق» وتأكيدات الطلاب، إلى أن يتم نقله لأعلى ويتم تسليمه بالمطعم.يحتوى الطابق الارضى على جهاز غسل الصوانى، والذى يقوم بغلسها وتعقيمها بعد استعمالها، لكنه معطل منذ بداية العام، وفقا للمشرف، وتم الاستغناء عنه بإسناد مهمة النظافة إلى مجموعة من العمال، يغسلون الصوانى بالماء والصابون، ثم يتركونها تحت الماء الساخن من 3 إلى 4 مرات سريعة، لإنجاز العدد الضخم من الاوانى.طابور المطعمفى الطابق الأعلى وقف عشرات الطلاب فى طابور ممتد حتى سلم المطعم الذى يفصل بينه وبين مكان التسليم نحو 20 مترا، وقف فيها الشباب إلى جوار بعضهم البعض بانتظار تسلم الوجبة، حاملين البونات الخاصة بهم، بينما لم يستطع مشرف التغذية فتح الشباك الآخر لصرف الوجبات بسبب النقص الشديد فى العمالة التى كانت تكفى شباك واحد بالكاد.«ايه القرف ده»، قالها أحد الطلاب فى وجه العامل الذى يقوم بتقديم الخضار له، وألقى الصينية فى وجه الأخير قبل أن يدخل للمطعم من الداخل، ويزيح كراتين التونة تعبيرا عن غضبه واستيائه من تدنى مستوى الأكل، ولفترة قصيرة توقف صرف الوجبات لفض الاشتباك، بدت فيها حالة الاستياء والخوف من مستوى الطعام بشكل واضح.غالبية الطلاب الذين قاموا بصرف الوجبات فى أول يوم بعد حادثة التسمم، رفضوا تسلم الأرز والخضار، وحرصوا فقط على تناول التونة والعيش، عدد قليل فقط أحضر صوانى خاصة به ليحصل فيها على الطعام بدلا من صوانى المطعم غير النظيفة، على حد تعبيرهم.احد الطلاب قال للمشرف «الاكل بيبقى فى ديدان وانا باشوف ده بعينى»، ورد عليه الرجل قائلا «انت راجل علم، إزاى ديدان، لو فى ديدان فى الاكل تسيح من السخونة، يبقى انت بتشوفها ازاى».الحوار بين الطلاب والمشرفين سيطرت عليه حادثة التسمم، وظل المشرفون يدافعون عن طعام المدينة باستماتة حتى أن أحدهم قال «يا ابنى انت مغرر بيكم، محدش يقدر يقول إن التسمم كان من اكل المدينة، ومين قال انه تسمم اصلا، فى متغير جديد فى الجو بسبب ظهور الكنتالوب، والحقيقة هتظهر، لكن موضوع سم ده محدش يقدر يقوله غير مركز التسمم ويتحدد نوعه والأكلة اللى سببته، ده غير أن العمال هنا أكلوا من نفس الأكل اللى انتوا اكلتوا منه ومنهم ناس بتاخد لودلاها وعيالها منه».النقاشات والحوارات لم تنته إلا بعد وصول عدد من الطلاب الذين شاركوا فى قطع الطريق، ليعلنوا إغلاق المطعم وعدم صرف الأرز والخضار، والاكتفاء بعلب التونة والعيش فقط حتى تحقيق مطالبهم فى تحسين جودة الطعام المقدم لهم.«المفترض أن يكون لدينا 300 عامل فى المطعم حتى نتمكن من القيام بعملنا بشكل جيد، لكن العدد الفعلى لا يتجاوز خمس هذا العدد تقريبا، وغالبيتهم من العمالة المؤقتة، ويفترض أن يكون هناك 3 سفرجية، و3 مساعد سفرجى وطباخين وعمال بأعداد أكبر بكثير من الموجودة كى يمكن محاسبتنا»، ولم تهدأ دفاعات مشرف المطعم عن العمال والطباخين.وأضاف أن كل العاملين يحملون شهادات صحية ويتم إجراء تفتيش دورى من وزارة الصحة التى تقوم بالحصول على عينة عشوائية من كل الاكلات فى أى وقت ولم يثبت من قبل وجود أى مشكلات بها، موضحا أن المشكلة فى نقص العمالة التى تجعل الفرد الواحد يقوم بمهام 4 أو 5 اشخاص. نقلا عن الشروق