أعلن الناطق باسم الحكومة الليبية ناصر المانع، الأربعاء، أمام الصحافيين قبل مغادرته العاصمة الموريتانية، إن نواكشوط وافقت على "تسليم" ليبيا رئيس المخابرات السابق في عهد معمر القذافي الموقوف في موريتانيا، عبدالله السنوسي، وقال نائب رئيس الوزراء الليبي، مصطفى أبو شاقور، الثلاثاء "إن موريتانيا وافقت على تسلم ليبيا عبدالله السنوسي، مدير مخابرات معمر القذافي" الذي اعتقل في نواكشوط الأسبوع الماضي. ويضع القرار، إذا تم تنفيذه ليبيا، على مسار تصادمي مع فرنسا والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اللتين تسعيان أيضًا لتسلم السنوسي الذراع اليمنى للقذافي قبل الإطاحة به ومقتله في الانتفاضة الشعبية العام الماضي. وقال المانع: "لقد حصلنا على موافقة موريتانيا على تسليم السنوسي لليبيا، حيث سيحظى بمحاكمة عادلة"، ولم يحدَد أي موعد لذلك لكنه سيكون قريبًا جدًا". وكتب أبو شاقور على حسابه على موقع "تويتر" يقول "التقيت مع رئيس موريتانيا الذي وافق على تسليم السنوسي لليبيا"، وأكد مسؤول بالحكومة الليبية أن حساب أبو شاقور على موقع "تويتر" رسمي. وقال مصدر أمني موريتاني: إن الاتفاق قريب المنال لكنه اعترف بضغوط من فرنسا. وأضاف مشترطًا عدم الكشف عن اسمه "وافقنا على دراسة طلبهم مع منحه أفضلية، الاتفاق شبه مبرم لكن ينبغي توخي الحذر، يمارس الفرنسيون ضغوطًا كبيرة". وقال المصدر: "يقولون إن طلبهم له الأولوية لأن مذكرة الاعتقال الخاصة بهم صدرت أولاً، ولأنهم ساعدوا في اعتقاله". ولم يرد على الفور تعقيب من فرنسا أو المحكمة الجنائية الدولية. وفي نواكشوط قال مصدر قريب من الرئاسة إن طائرة من المقرر أن تصل خلال الليل من ليبيا، وتقلع قبيل الظهر يوم الأربعاء، ولم يتضح هل ستقل الطائرة السنوسي أم إنها ستكتفي بنقل الوفد الليبي عائدًا إلى بلاده. ولم يرد تعقيب رسمي من ليبيا. وكان السنوسي الذي اختفى لشهور قد اعتقل في مطار نواكشوط بعد وصوله، مساء الجمعة، على متن رحلة قادمة من المغرب. وأشاد وفد ليبي رفيع المستوى إلى موريتانيا بالرئيس محمد ولد عبد العزيز بسبب "الموقف الشجاع" الذي اتخذه باعتقال السنوسي، وجدد في محادثات عقدها معه بالقصر الرئاسي التأكيد على رغبة طرابلس في تسليم مدير المخابرات السابق إلى ليبيا. وقال ابو شاقور في وقت سابق في بيان نشرته الوكالة الموريتانية للأنباء "نحن نقدر ونكرم موقف فخامة الرئيس، وقد وعد خيرًا في هذا الأمر". وتسعى المحكمة الدولية لاعتقال السنوسي فيما يتصل بتهم ارتكاب جرائم بحق الانسانية، في حين تسعى فرنسا لتسلمه لمزاعم بشأن قيامه بدور في حادث تفجير طائرة ركاب فوق النيجر عام 1989 قتل فيه 54 فرنسيًا. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "نريد تسليم السنوسي لفرنسا، نشعر أننا ندين بهذا لأسر الضحايا وللعدالة". قضت محكمة فرنسية بالفعل غيابيًا على السنوسي بالسجن مدى الحياة. وبشكل منفصل قالت مصادر دبلوماسية إن الولاياتالمتحدة التي أكدت يوم الإثنين إجراء اتصالات مع موريتانيا بشأن السنوسي طلبت مقابلته قبل تسليمه لأي جهة. وقال مصدر دبلوماسي "قدم الأميركيون طلبًا للسلطات الموريتانية صباح الإثنين للسماح لهم بمقابلة السنوسي وهو لا يزال في موريتانيا"، وأكد دبلوماسي ثانٍ تقديم الطلب. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الحكومتين الموريتانية أو الأميركية. وتم ربط اسم السنوسي بتفجير طائرة ركاب امريكية فوق لوكربي في إسكتلندا عام 1988 في حادث قتل فيه 270 شخصًا. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: إن الولاياتالمتحدة عبرت مرارًا عن اهتمامها بالتحدث معه بشأن الحادث. وتشكك جماعات دولية مدافعة عن حقوق الانسان في إمكانية أن يلقى السنوسي محاكمة نزيهة في ليبيا، وقالت إنه من الأفضل أن يحال إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووصفت منظمة العفو الدولية النظام القضائي الليبي بأنه "مشلول" مشيرة إلى أنه لم ينجح في التحقيق في وفاة معتقلين في سجون المعارضة، أو قضايا بارزة مثل مقتل القائد العسكري السابق عبد الفتاح يونس. وقالت دوناتيلا روفيرا المسؤولة بالمنظمة في تصريح لها "لم يفعل النظام القضائي الليبي شيئًا، لم يحاسب أحدًا، ولم يحقق في قضية واحدة حتى الآن". غير أن نائب وزير العدل الليبي خليفة فرج عاشور قال لرويترز في طرابلس إن مدير المخابرات السابق سيلقى محاكمة نزيهة في بلاده. وأضاف أن الوضع الأمني جيد والمحاكم تعمل بشكل طيب في جميع انحاء البلاد تقريبًا، وتابع يقول إنه حتى إذا حدث إخلال بالأمن وهو قليل جدًا، فالحكومة قادرة على التصدي له. وأضاف عاشور أنه من السابق لأوانه الحديث عن التهم التي قد يواجهها السنوسي في ليبيا. لكن الشرطة الدولية (الإنتربول) أصدرت أمر اعتقال بحقه بناءً على طلب ليبيا بشأن جرائم احتيال بينها اختلاس أموال عامة، وإساءة استغلال السلطة لتحقيق منافع شخصية. وقال عاشور إنه يمكن عمومًا القول: إن إحدى الجرائم هي الفساد المالي مضيفًا أن السنوسي يعلم الكثير بشأن الأموال المخبأة. ويشتبه أيضًا في قيام السنوسي بدور رئيس في قتل أكثر من 1200 سجين في سجن أبو سليم عام 1996؛ وكان اعتقال محامٍ يمثل أقارب الضحايا الشرارة التي أشعلت الانتفاضة الليبية في شباط/ فبراير من العام الماضي. وقال عاشور إن تسليم السنوسي لليبيا ومحاكمته فيها سيشكل دعمًا كبيرًا للثورة الليبية، ومحاكم البلاد مضيفًًا أنه يجب أدراك أنه ارتكب جرائم كثيرة أخرى في ليبيا قبل الثورة. وقالت مصادر أمنية موريتانية إن السنوسي الذي كان مكروهًا ومرهوب الجانب على مدى عقود بين كثير من الليبيين محتجز في المدرسة الرئيسة لتدريب الشرطة في نواكشوط. وأضافت المصادر أن الموقع المحاط بأسوار عالية هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يكفل أمنًا كافيًا للسنوسي، ويوفر له قدرًا من الارتياح. وقال مصدران إن فريقًا من الأطباء العسكريين بينهم الطبيب الشخصي للرئيس ولد عبدالعزيز أجرى فحصًا طبيًا على السنوسي، يوم الأحد، بينما كان لا يزال محتجزًا في مقر إقامة بالمركز الدولي للمؤتمرات في نواكشوط.