قطار الصحافة أنه في عام1957 قرر أن يخوض انتخابات مجلس الأمة( الشعب حاليا) عن دائرة قصر النيل, وكان المرشح في هذه الدائرة هو مجدي حسنين أحد الضباط الأحرار ورئيس شركة استصلاح مديرية التحرير. ورفع موسي لافتات تقول: انتخبوا موسي صبري الذي لم ينشئ مديرية التحرير, ردا علي لافتات تقول انتخبوا مجدي حسنين الذي أنشأ مديرية التحرير وانضم لحملته عبدالحليم حافظ, وسجل بصوته أغنية تقول: موسي صبري انتخبوه انتخبوه.. موسي صبري بنحبوه, وذاع صيت موسي في الدائر بقوة هائلة, وفوجئ ذات يوم بمصطفي أمين يستدعيه ويطلب منه التوقف عن حملته الدعائية, ثم أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا يقضي بأن يفوز الضباط الأحرار في دوائرهم بالتزكية دون انتخابات, وكان إجمالي عدد المرشحين منهم نحو57 عضوا, وهكذا لم ير موسي صبري أبدا عضوية المجلس. (1) من القصص المدهشة في الانتخابات المقبلة لمجلس الشعب أن بعض أفراد عائلة الرئيس الراحل أنور السادات, ينظرون إلي أنفسهم بوصفهم أسرة أو عائلة من أكبر عائلات مركز تلا بالمنوفية, يتحدثون عن كيف أن هناك مجلسا للأسرة, أو هيئة للعائلة, يتم استئذانها قبل خوض الانتخابات النيابية, ويقولون: إن مثل هذا الإذن هو التصريح الذي لابد منه لدخول المنافسة علي كرسي البرلمان. ويبدو من ثنايا الأحاديث المتواترة أن بعض أفراد هذه الأسرة ينظرون إلي أنفسهم بمعيار العائلات الأرستقراطية القديمة في تلا, ولولا أن المرء يعلم جيدا أننا في عام2010, لكان الظن أننا مازلنا علي زمن ما قبل الإصلاح الزراعي وثورة يوليو1952, وأن من يتحدثون هم سلالة أسرة عبدالغفار التي كانت تحتكر أغلب المناصب النيابية للبرلمان المصري وليس سلالة أسرة السادات. صحيح أن الرئيس السادات شخصية كبيرة, وله أفضال وتاريخ عريض, ودور لا ينسي في تاريخ مصر, لكنه لم يكن أبدا من كبار ملاك الأراضي, بل ولم يسع إلي هذا أبدا, فالرجل جعل كل همه تعبئة قدرات الوطن لخوض حرب أكتوبر1973, وبعد ذلك خوض معركة السلام وإجبار إسرائيل علي الانسحاب من سيناء. لذلك فليس من الصواب أن ننسب إليه سلوكيات هو بريء منها, مثل مجلس العائلة, واستئذان الأسرة. معني هذا أن الذين يتمسحون في اسم السادات يفعلون ذلك وهم يعلمون أن الرئيس الراحل لم يرحب أبدا باستغلال اسمه. (2) وتزداد الدهشة من تصرفات بعض أفراد عائلة الرئيس السادات عند مقارنتها مثلا بتصرفات أفراد عائلة الرئيس جمال عبدالناصر. فالرجل نفسه( عبدالناصر) لم يذهب قط إلي بني مر وهو رئيس للجمهورية, ولم يبن لنفسه دارا هناك, واكتفي بالمقر الرسمي له في الإسكندرية, وكان شقيقه الليثي عبدالناصر عضوا قياديا في الاتحاد الاشتراكي علي أيامه بالإسكندرية, لكن عبدالناصر كان يتعمد أن يضع له الرجل القوي حمدي عاشور محافظا لكي يقيد تحركاته, ويحد من سطوته ونفوذه, وحتي لا يتصور أحد أن شقيق الرئيس عبدالناصر متروك له الحبل علي الغارب. والغالب من تكرار وإصرار الرئيس عبدالناصر في السيطرة علي أشقائه والحد من نفوذهم, أنهم كانوا لا يمانعون في الاستمتاع بكل مزايا أخوة الرئيس, وهذا شيء إنساني تماما. ولأجل هذا لم نجد أيا من أشقاء عبدالناصر, أو أبناء إخوته وأخواته أو غيرهم من أقاربه, يحاول استغلال اسم الراحل لكي يدخل البرلمان, وكذلك لم نسمع واحدا منهم يتحدث عن أن هناك مجلسا للعائلة أو هيئة للأسرة الكريمة يتعين أخذ الإذن منها قبل الإقدام علي تصرف ما. نقول ذلك ونحن ندرك تماما أن مجرد القرب من الرئيس عبدالناصر, في دولة مثل الدولة المصرية, يجعل مصباح علاء الدين في متناول يديك, تفتح به كل الأبواب. القضية هنا هي كيف أن الرئيس عبدالناصر الذي يتحدث عنه الغالبية بوصفه الرجل الدكتاتور, المتسلط, الذي يجمع كل السلطات والصلاحيات في يديه, لم يترك لأحد من أفراد أسرته أي فرصة لكي يسير علي خطي الأسر الصعيدية الكبيرة, مثل دوس, وغالي, وخشبة, وعمرو.. إلخ, بل ظلوا كما هم, مجرد آحاد من الناس. صحيح أنهم قد أصابتهم سعة في الرزق, وبسطة في العيش, لكنهم أبدا لم يسعوا إلي تقليد باشوات زمان, في حين أن بعض أفراد أسرة الرئيس السادات, الرجل الذي أدخل التعددية الحزبية, وسعي إلي نشر الديمقراطية الشعبية, يحاول بعض هؤلاء المقربين منه تقليد هؤلاء الباشوات. (3) الحقيقة التي يجب ألا نغفلها, أنه قد ظهرت في المجتمع أسر وعائلات جديدة تحاول أن تحاكي في سلوكياتها تصرفات العائلات القديمة, ففي دوائر كثيرة في انتخابات مجلس الشعب يتوارث الأبناء دوائر الآباء, وتستوي في هذا مقاعد العمال أو الفلاحين أو الفئات, لكن هذا لا يعني أنه لا توجد وجوه وأسر جديدة, كلا.. فإلي جانب العائلات القديمة هناك المليونيرات الجدد, وهؤلاء يؤسسون لمقاعد نيابية تكون من نصيبهم في حياتهم, ومن نصيب من يعقبهم بعد رحيلهم في سعي لتكوين أرستقراطية عائلية جديدة. *نقلا عن صحيفة الاهرام