انتقد شعراء ومثقفون الحكم القضائي، الذي صدر ببيع أثاث منزل الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي بسبب مقال كان قد كتبه بمجلة روز اليوسف المصرية عام 2002 هاجم فيه الشيخ يوسف البدري واعتبره هو والجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي بالرجعية وأنهم مثل المتطرفين اليهود، الذين يطالبون بإقامة دولة يهودية دينية، مما دفع البدري إلى إقامة دعوى قضائية، ومؤخراً حكمت المحكمة بتغريم حجازي 20 ألف جنيه، ولما رفض الدفع قررت المحكمة عرض أثاث منزله للبيع. واعتبروا أن مثل هذا الحكم يفسح المجال أمام الذين يروجون لثقافة الجمود، والتعصب لنصب الفخاخ ضد حرية التعبير والإبداع وأن ذلك يؤدى إلى تكميم الإخوان والحجر على المبدعين.وأكد الشاعر حلمي سالم أن الحجز على أثاث منزل أحمد عبدالمعطي حجازي فضيحة غير مسبوقة في تاريخ مصر القديم والحديث وأنه مع عدم المساس بحرية الرأي والتعبير، وما قاله حجازي هو رأي ووجهة نظر يقال أعنف منها في كثير من الجرائد والمجلات.وأرجع سالم سبباً لهذا التخاذل إلى المؤسسات التي قال: إنها تخشى الجماعات الدينية وتحاول أن تسترضيها وعلينا أن نحول بأجسادنا دون حدوث ذلك لأن الرأي يقارع بالرأي وليس بالحبس ببيع أثاث البيت. أهداف التنوير فيما يرى الناقد محمد حسن عبدالله أن حجازي، الذي يزن حياته وأفعاله، كما يزن قصيدته من حقه بل من واجبه أن يحافظ على هذا السياق في حياته، كما يحافظ على سياق قصائده وأن حرية الرأي والتعبير مكفولة بحماية، أهداف التنوير ولابد أن تتم معارضة الكلمات بالكلمات، وإن كان القاضي مقيداً بنصوص تفكر في النظام الاجتماعي السائد أكثر مما تفكر في حق الإنسان وقيمته.وأوضح أنه يصح في هذا المقام قول «إن القاضي على حق»، وإن أحمد عبدالمعطي حجازي على حق في رفضه بدفع المبلغ المحكومة عليه به، وبذلك يكون المتجاوز للحق وللحقيقة هو ذلك الذي أقام الدعوى لأن إيمانه بالحرية منقوص إذ يريد إيقاف حركة الزمن ويلتوي بمسار النهر فيعيد قصده إلى منبعه. وأكد د. عبدالله أن عرض ممتلكات الشاعر الكبير في مزاد علني لن يجد استجابة وأنه على ثقة بأن الشعب المصري بوعيه وحسه الإنساني سواء من الأغنياء أو الفقراء لن يقدم واحداً منه يتقدم لشراء مفردات هذا المنزل لا بقيمته ولا بأضعافها، بالإضافة إلى أن حجازي قد يكون ادخر مفاجأة ما لهذه اللحظة. ويقال إذا حل يوم إشهار للبيع، فيجب أن نتحرك ولا نقف مكتوفي الأيدي وأن تعرض أصغر قطعة في البيت منفضة السجاد أو نتيجة حائط موقعا عليها من الشاعر الكبير ومسجلاً على التوقيع ذكرى هذه الحادثة العنيفة وأكد أن المزاد الذي سيعقد على هذه القطعة البسيطة فقط، سيغطى المبلغ المطلوب الذي سيدفعه أدباء مصر بكثير من الرضا والغضب. فيما أصدر الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر والعرب بياناً وافيا باسم الاتحاد ضد هذا التسلط أعلن فيه أن الاتحاد يرفض معاملة أحمد عبدالمعطي حجازي معاملة المذنب والمجرم رغم أن قضيته قضية رأى وتعبير في المقام الأول وأعلن عن تضامنه مع الشاعر أدبياً وقضائيا ومالياً. دور المبدع وأوضح الشاعر عبدالمنعم رمضان إلى أن كل مجتمع له إطار اجتماعي للمعرفة وأنه في فترة ما كان المجتمع الفرنسي شديد الحرية ممنوع منعاً باتاً من الكلام عن اليهود واعتبار الكلام في هذا الشأن جريمة، وكذلك المجتمع الأميركي كان ممنوع أن يتكلم أحد عن الماركسية، وأشار إلى أن دور المبدع هو توسعة هذا الإطار الاجتماعي وأحداث ثقب فيه والاستعداد لدفع ضريبة ما يفعل، وأن على المبدع أن يتحمل نتائج محاولته هي لو كانت هذه الضريبة هي الإعدام. وعن أسباب المشكلة أشار إلى أن الجماعات السلفية لما أدركت أن تصادم المسلح له عواقب وخيمة قررت أن تتمكن من أجهزة الدولة، مثل الإعلام والقضاء والثقافة وقال أظن أن هناك قضاة ينتسبون إلى مثل هذه الجهات وأن مشكلة حجازي واحدة من هذه القضايا. في حين دعا د.مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبي إلى الحوار والتسامح وإلى حرية الرأي، التي هي مكفولة لجميع الأطراف بحكم القانون وبعيداً عن اعتبار المختلف معي عدواً وأننا نحن جميعاً مسلمون ولسنا ضد الإسلام ولا أحد يستطيع أن يقول إنه هو المسلم فقط، وأكد أن الخروج من هذا المأزق يكون فقط بالحوار السمح مهما كانت الآراء صعبة للوصول إلى حل وتوافق مشترك بين جميع الأطراف. وأشار إلى أن القضاء يجب عليه أن يراعي الحالة العامة إذ ان الخسارة ستكون فادحة عندما يسجنه أحد المثقفين من أجل رأي قاله معلنا تضامنه مع أحمد عبدالمعطي حجازي، لأنه تعاطف مع حرية التفكير والتعبير. وقال أطلب من الطرف الآخر أن يرد بمقال يكذب فيه ما يراه مناقضاً لمعتقداته وبهذا يفيد القارئ ويريح القضاة من الحيثيات الصعبة، التي يمكن أن تقضي إلى الغرامة والسجن، والنيل من كرامة شاعر قدير ومثقف له وزنه في العالم العربي بل والعالم أجمع. حيث إنه من العيب أن يعامل الشاعر الكبير معاملة المتهمين والمشتبه فيهم هذا الشاعر الرائد، الذي كان في طليعة الحركة التحديثية يسترق أن يقام له تمثال في وسط الجامعة وأن يعمم شعره في المدارس والجامعات، فهو سليل مصر النهضوية والكاتب المتنور، الذي أضحى رمزاً من رموز الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي، وبالتالي لا يستحق أن يعامل بمثل هذا الظلم وبمثل هذا الازدراء.