مع انتشار الصيرفة الإسلامية ونموها السريع في جميع أنحاء العالم بداية من الخليج العربي وانتهاء بنيوزلندا إلا ان منظومة المؤسسات المالية الدولية ما زالت تتعامل مع الصيرفة الإسلامية بحذر شديد بل ان الكثير منها لا يعترف بنموذج الصيرفة الإسلامية. ومرد ذلك هو عدم وجود معايير شرعية ومحاسبية وهو ما يعرف ب Standardize Islamic Banks واضحة لهذه الصناعة مجمع عليها ومعترف بها من قبل المؤسسات المالية الإسلامية والمؤسسات الرقابية المشرفة على هذه الصناعة في الدول التي توجد فيها مثل هذه المؤسسات المالية الإسلامية. كما ان هذه المعايير ان وجدت فهي صادرة عن مؤسسات ليس لها طابع الإلزام القانوني مثل المعايير الشرعية والمحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) في البحرين، ولذا نجد ان الكثير من الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية سواء في العالم العربي أو شرق آسيا تفتي في بعض المسائل بخلاف ما ورد في هذه المعايير بل ان بعض أعضاء الهيئات الشرعية لا يولون أي أهمية لما يصدر عن هذه المؤسسة من معايير. حيث أنهم لا يرجعون إليها قبل إصدار الفتوى وذلك إما بحكم عدم عضويتهم في هيئتها الشرعية أو لتحفظهم على بعض أعضائها وطريقة اختيارهم.!! وقد أحست ماليزيا بأهمية وجود معايير موحدة للصيرفة الإسلامية صادرة عن مؤسسة إشرافية دولية يكون لهذه المعايير طابع الإلزام فسعت لإنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية بحيث تكون عضويته الفاعلة مقصورة على المصارف المركزية للدول الأعضاء، أما المؤسسات المالية الخاصة فتكون عضويتها في المجلس بدرجة مراقب وذلك حتى تكتسب المعايير الصادرة عن هذه المجلس الصبغة الإلزامية بحكم ان مصدريها هم أصحاب القرار في دولهم. وقد أصدر هذا المجلس عددا من المعايير منها معيار كفاية رأس المال للمؤسسات المالية الإسلامية ومعيار حوكمة المؤسسات المالية الإسلامية والمبادئ الإرشادية لإدارة المخاطر في المؤسسات المالية الإسلامية، ولم يتطرق المجلس للمعايير الشرعية والتي هي مربط الفرس في مسألة اختلاف منتجات الصيرفة الإسلامية وعدم القدرة على إيجاد معايير موحدة لها، ولعل مرد ذلك هو صدور مثل هذه المعايير عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. وكان الأولى بالمجلس إصدار قرار يتبنى فيه هذه المعايير لكي تكتسب صفة الإلزامية بحكم مصدري القرار، (تعتبر المعايير الصادرة عن هذا المجلس إرشادية وليست إلزامية قانونيا). ولكن كما قلنا من قبل إنها تكتسب صفة الإلزامية كونها صدرت عن أصحاب القرار في المؤسسات المعنية بهذه المعايير مثل المصارف المركزية ومؤسسة النقد، والحقيقة التي لا مراء فيها هي ان المصرفية الإسلامية وفي فترة زمنية قصيرة استطاعت ان تخلق مؤسساتها وان تفرض نفسها على الساحة الدولية. واعتقد انه بمزيد من الشجاعة والعزيمة يمكن للصيرفة الإسلامية ان توحد معاييرها الشرعية وذلك عن طريق تكوين هيئة شرعية موحدة تحت مظلة المجلس لإصدار معايير شرعية موحدة للمصرفية الإسلامية، والنظر في مسائل الاختلاف بين الهيئات الشرعية للدول الأعضاء واتخاذ قرار بشأنها، على ان يكون قرار هذه الهيئة ملزما لجميع الدول الأعضاء ومؤسساتها المالية الإسلامية. وحيث ان القاعدة الشرعية تقول ان اختيار الإمام يرفع الخلاف فلا يكون هناك مجال للرأي المخالف عندما تتبنى المصارف المركزية ومؤسسة النقد رأي هذه الهيئة الشرعية. وحتى تحظى قرارات هذه الهيئة الشرعية بالقبول لدى العامة والخاصة فلا بد ان تكون معايير وشروط اختيار أعضاء هذه الهيئة ومنهجية عملها واضحة ومقبولة من الجهات الشرعية في البلدان الأعضاء مع تفرغ أعضاء الهيئة التام لهذا العمل.
