بعد 5 أيام على الانتخابات النيابية البريطانية، دخلت المشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية مرحلة حاسمة الثلاثاء 11 مايو/ أيار 2010، وبات على الديمقراطيين الأحرار الاختيار بين اقتراحات حزبي العمال والمحافظين. وقال زعيم الديمقراطيين الأحرار نيك كليج إن المناقشات بلغت "مرحلة أساسية ونهائية"، مشيرا إلى أنه "ينتظر بفارغ الصبر أكثر من أي شخص آخر". وأضاف "آمل فعلا أن نتمكن من إصدار إعلان ... في أسرع وقت ممكن". أما نظيره في الحزب المحافظ ديفيد كاميرون فاعتبر أن "الوقت حان للديمقراطيين الأحرار" لاتخاذ قرار، مشيرا إلى أن حزب العمال طرح "اقتراحا كاملا منفتحا جدا ومعقولا جدا لتشكيل حكومة مستقرة". وكان وزير التربية آد بالز - العضو في فريق المفاوضين العماليين - الأكثر تحفظا. وقبل أن يدخل إحدى قاعات التفاوض، قال "الجميع يريد إنهاء الموضوع في أسرع وقت". وأضاف "ثمة بعض مساحات الاتفاق لكن هناك أيضا بعض الصعوبات". وبعدما حلوا في المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية - وهي المرتبة المرجحة - يجتذب الديمقراطيون الأحرار المحافظين الذين فازوا في الانتخابات لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على أغلبية مطلقة، والعمال بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته جوردن براون الذين حلوا في المرتبة الثانية. وبينما كان العمال والديمقراطيون الأحرار يتجهون في 10 مايو/ أيار 2010 على ما يبدو إلى اتفاق، أعلن جوردن براون - في تغير مفاجئ - بدء مفاوضات موازية مع الأحرار، فعرض الاستقالة من رئاسة حزبه، وبالتالي من رئاسة الحكومة - قبل الخريف – لتسهيل المناقشات. ولمواجهة المزايدة العمالية، حسن العمال عرضهم في اللحظة الأخيرة مساء 10 مايو/ أيار، فاقترحوا إجراء استفتاء على إصلاح القانون الانتخابي الذي يعتبره الديمقراطيون الأحرار جائرا، وانضموا بذلك إلى العماليين الذين وعدوا بإعادة النظر في القانون الانتخابي. واضطر الديمقراطيون الأحرار الذين وجدوا أنفسهم محط أنظار جميع الأطراف إلى إجراء عمليتي تفاوض متوازيتين في 11 مايو/ أيار. وقد بدأت الأولى ظهرا مع حزب العمال، وستليها مشاورات مع المحافظين في وقت لم يحدد. وقد ينشأ تحالف بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار لا يضم إلا 315 مقعدا بدلا من 326 مقعدا ضرورية للأغلبية المطلقة، لكن ذلك قد يضع التحالف في مواجهة مجموعة المحافظين (306 نواب). وفي المقابل، فإن توافقا بين المحافظين والليبراليين قد يتجاوز العتبة المطلوبة مع 363 مقعدا. من هنا، إذا أراد حزب العمال تشكيل حكومة مستقرة فلن يتاح له خيار آخر غير الاستعانة بمجموعة من الأحزاب الصغيرة (القوميون الاسكتلنديون، والديمقراطيون، والوحدويون الأيرلنديون الشماليون، والمستقلون ...) وبالإضافة إلى تعقيد هذه التشكيلة، يمكن أن يكون تشكيل ائتلاف بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار صعب التسويق لدى أعضاء الحزب الأخير، المنقسمين بين جناح يميني وآخر يساري. وقالت صحيفة تايمز إن نيك كليج قد يضطر إلى "تحدي حزبه". لكن يتعين أيضا طمأنة الأسواق - بورصة لندن تراجعت 1% في الصباح - وإقناع الناس بأسس "انقلاب" نيك كليج، كما قالت تايمز. وقال النائب المحافظ الواسع النفوذ مالكولم ريفكيند غاضبا "كنا نظن أننا نجري مناقشات مشرفة مع نيك كليج ... وإذ بنا نكتشف أنه يلتقي جوردن براون سرا". وخلص إلى القول أن ائتلافا بين حزب العمال والديمقراطيين الأحرار - وصفته وسائل الإعلام اليمينية بأنه "ائتلاف الخاسرين" - سيحظى ب"شرعية مشكوك فيها" قريبة "من مدرسة روبرت موجابي"، في إشارة إلى رئيس زيمبابوي.