نضال امرأة صعيدية

نضال إمرأة صعيدية كتاب شيق كتبته مني قرشي‏,‏ واحدة من أهم السيدات المصريات اللائي أسهمن بجد وسخاء في مجال العمل العام‏,‏ يحوي مذكرات سيدة من مدينة ديروط‏.‏
وسليلة عائلة ارستقراطية قديمة من أهم عائلات صعيد مصر‏,‏ تعرفها عن قرب دوائر عديدة في المجتمع المصري‏,‏ تمتدح إخلاصها وتفانيها في أداء واجبها الاجتماعي‏,‏ استطاعت ان تكون موضع حب واحترام وتقدير الجميع‏.‏
منعت تقاليد الزواج المبكر في صعيد مصر مني قرشي الإبنة الوحيدة لأحمد باشا قرشي عين أعيان ديروط علي عدد من الاشقاء الذكور من أن تحصل علي فرصة التعليم الجامعي فور حصولها علي الثانوية العامة‏,‏ لكن زواجها المبكر من أستاذ للقانون الجنائي مكنها من أن تعاود الدخول الي الجامعة بعد الزواج لتتخرج في نهاية الستينيات في كلية الحقوق‏,‏ ولأن مني شبت في بيت وفدي قديم لأحد كبار ملاك الارض في الصعيد‏,‏ لم تشكل ارستقراطيته وحجم ملكيته الزراعية الكبيرة جدارا عازلا يمنعه من التواصل مع الناس‏,‏ شارك في ثورة‏19,‏ وأسهم تطوعا في تحديث مدينة ديروط وبناء عدد من المدارس ومرافق الخدمات الصحية والإدارية في الاقليم شأن كل الارستقراطيات القديمة في مصر كان من الطبيعي أن توجه مني نشاطها الاجتماعي لخدمة ابناء مدينتها‏,‏ وان يدفعها هذا الاهتمام لأن تكون جزءا من حركة حزب الوفد الجديد‏,‏ تشارك في ندواته ومؤتمراته وأنشطته خاصة المتعلقة بحقوق المرأة‏,‏ وتمارس علي مستويات محلية وإقليمية وعالمية دورا فاعلا في هذه المجالات‏,‏ مكنها من أن تصبح عضوا في اللجنة العليا لحزب الوفد ونائبا لرئيس الاتحاد النسائي العالمي‏.‏
وفي كتابها نضال امرأة صعيدية الذي يسجل خبراتها منذ أن شبت في مدينة ديروط توجز مني قرشي تجاربها ومعارفها عن المجتمع المصري في مقالات قصيرة‏,‏ أهم ميزاتها الصدق ورفاهية الإحساس بمشكلات الفقراء والمهمشين‏,‏ وصدق التعاطف مع فئات الشعب الأقل قدرة‏,‏ خاصة الأطفال الذين يدفعهم فقر الأسر الي سوق العمل في سن مبكرة‏.
‏ والفتيات اللائي حرمن من فرصة العلم‏,‏ والأمهات اللاتي يتحملن إعالة أسر يعاني عائلها البطالة والعوز‏,‏ وبسبب اهتمامها البالغ بأحوال المهمشين في المجتمع المصري تحتل مشكلات محو الأمية ونقص الضمانات التي تحمي حقوق الأطفال في سوق العمل وسوء التعليم في المدارس العامة‏,‏ وضعف الخدمات الصحية جزءا كبيرا من اهتمامات مني قرشي‏,‏ لكن مني تملك فوق ذلك قدرة فائقة علي إنتاج أفكار ورؤي مبتكرة موضوعية وعلمية رغم بساطتها‏,‏ تستهدف تحسين جودة حياة المصريين الثقافية‏,‏ وتعزيز وعيهم بحقوقهم الأساسية وتنمية إدراكهم بقيمة هذا الوطن ودوره الحضاري‏,‏ من خلال ما تسميه السياحة الثقافية المنظمة التي تقوم عليها مؤسسات المجتمع المصري كنشاط ترفيهي وثقافي يستهدف تعليم الشعب تاريخه وحضارته‏,‏ وتربية الأجيال الجديدة علي ان تعتاد الذهاب إلي المكتبة والمتحف وموقع الأثر‏,‏ وإلزام الجميع ضرورة الحفاظ علي كل أثر ثقافي أو عمراني‏,‏ فرعونيا أو قبطيا أو إسلاميا لأن تاريخ مصر سلسلة متصلة الحلقات‏,‏ وتعليم النشء منذ الصغر المباهاة بمصريته‏,‏ وإعتماد الوطنية معيارا صحيحا ينمي أواصر الأمة المشتركة ويوازن بين حقوق الأفراد وحق المجتمع‏.‏
*نقلا عن صحيفة الاهرام