تعهد رئيس وزراء لبنان سعد الحريري بمواصلة انفتاحه على سوريا في احتفال حاشد اقيم في وسط بيروت الاحد بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لاغتيال والده رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كانت ذكرى اغتيال الحريري مناسبة موجهة ضد سوريا لكن هذه المرة تراجعت وتيرة الهجوم في ظل اجواء تصالحية لبنانية اعقبت تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمت كل الفرقاء السياسيين المتنافسين تكرست مع زيارة سعد الحريري الى دمشق في ديسمبر كانون الاول الماضي وتحدث خلالها عن فتح صفحة جديدة مع سوريا. كان الحريري وحلفاؤه اتهموا سوريا بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق وهو ما نفته دمشق مرارا لكنها اضطرت تحت وطأة ضغط شعبي ودولي الى سحب قواتها العسكرية من لبنان بعد وجود استمر 29 عاما. لكن سوريا استعادت نفوذها في لبنان ببطء وثقة الا أنها تمارسه بأسلوب اكثر دبلوماسية من الحقبة التي سبقت اغتيال رفيق الحريري. وقال سعد الحريري امام الحشود الملوحة بالاعلام اللبنانية واعلام تيار المستقبل التابع له "نمد الايدي للتعاون في سبيل جعل الاستقرار الوطني حاجة وطنية عامة لبسط سلطة الدولة والقانون وحماية النظام العام وبهذه الروح وضعنا لبنان على خارطة المصالحات العربية." اضاف "ليس سرا على احد انني شخصيا شريك في رسم واعداد هذه الخارطة وان زيارتي الى دمشق كانت جزءا من نافذة كبرى فتحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (عاهل السعودية) واعطت نتائجها في اكثر من ساحة عربية وانني بكل صراحة وصدق ومسؤولية امين على ابقاء هذه النافذة مفتوحة والشروع في بناء مرحلة جديدة من العلاقات بين لبنان وسوريا من دولة سيدة حرة مستقلة الى دولة سيدة حرة مستقلة." ودفنت السعودية خلافاتها مع سوريا املا في تحقيق الاستقرار للبنان وتهدئة التوتر الاقليمي بين السنة والشيعة واستعادة مظهر التناغم العربي واضعاف صلات سوريا بايران. ومنذ ذلك الحين توقف الحريري عن اتهام سوريا علنا بتدبير تفجير ضخم أودى بحياة والده و22 اخرين قائلا انه سينتظر النتيجة التي تصدر عن المحكمة التي تدعمها الاممالمتحدة. وقال الحريري امام الحشود التي كانت تتغنى باسمه "مصلحة لبنان في الاستقرار هي مصلحة مؤكدة ومصلحة لبنان في التضامن العربي هي مصلحة استراتيجية. لبنان اكبر متضرر من الانخراط في لعبة المحاور." واعتبر سعد الحريري ان المصالحة العربية هي "فرصة للبنان لا يجوز ان تضيع ولا يصح ان نغيب عنها مهما كانت الاسباب والاعتبارات." وقال "لقد خطونا خطوة تاريخية رأى البعض ان خسائرها الشخصية علينا كانت كبيرة لكن المهم ان نسأل عن فوائد هذه الخطوة على لبنان وعلى مصير العلاقات العربية." وقال الزعيم المسيحي المناهض لسوريا امين الجميل في الاحتفال "نريد من سوريا ليس فقط القبول بفتح سفارة واقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان بل اداء ينطلق من المفهوم الدولي للعلاقات الندية بين دولتين جارتين سيدتين ومستقلتين." وطالب الجميل سوريا "بخطوات واضحة ومحددة في الزمن لبت الملفات العالقة والتي تشكل انتقاصا من سيادة الدولة اللبنانية وتبقي الجرح اللبناني نازفا." في اشارة الى ترسيم الحدود السورية اللبنانية وازالة قواعد المقاتلين الفلسطينيين الموجودة على جانبيها واصلاح المعاهدات الثنائية والحصول على معلومات بشأن لبنانيين مفقودين قيل انهم اختلفوا مع السوريين خلال الحرب الاهلية. واكد رئيس وزراء لبنان السابق فؤاد السنيورة في كلمته ان اغتيال الحريري "هي جريمة العصر في لبنان... ونحن في مواجهتها لم ولن ننشد الثأر ولا الانتقام بل نحن نريد الحقيقة والعدالة وسنظل نسعى اليهما." واكتفى جنبلاط الذي كان يعتبر من اشد منتقدي سوريا بمرافقة الحريري الى ضريح والده وقراءة الفاتحة. وكان جنبلاط اعلن انسحابه العام الماضي من التحالف الذي يقوده الحريري العام الماضي ليتخذ موقفا اكثر وسطية ويتوقع ان يزور دمشق قريبا.