لا يزال المقال الذي كتبته الاعلامية السعودية نادين البدير في جريدة"المصري اليوم" قبل أسبوعين يثير الجدل في االأوساط الشعبية والفقهية رغم تراجع الكاتبة عن ما جاء في مقالها "أنا وأزواجي الأربعة"‘الذي قالت فيه: ائذنوا لي أن أزف إلى أربعة.. بل إلى خمسة.. أو تسعة إن أمكن. فلتأذنوا لي بمحاكاتكم”.. لم يكن من الطبيعي أن يمر ما كتبته الإعلامية السعودية مرور الكرام، رغم أنها سرعان ما تراجعت في الأسبوع التالي لتقول في مقال تالٍ نشرته الصحيفة نفسها، إنها كانت تثير غضب الرجال فحسب، فحديثها أثار حالة من الغضب الشعبي والفقهي وجدد الجدل حول قضية محسومة دينياً، فيما يثيرها البعض بين الحين والآخر لأهداف يبدو أن هناك إجماعا حول أنها لا تخرج عن كونها “سعي إلى شهرة لم تتحقق” كما هو الحال بالنسبة للبدير، أو زيادة في شهرة متحققة بالفعل كما هو الحال بالنسبة للكاتبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي. رد الفعل حول ما كتبته البدير تراوح بين الرفض القاطع أو الدعوة لقراءة ما وراء دعوتها فيما يتعلق بقضية إساءة معاملة المرأة من قبل الرجل في المجتمعات الشرقية، الكاتبة السعودية عزيزة المانع كتبت في جريدة"عكاظ" تقول: ان نادين لم تعني ما تقول عن مسألة تعدد الأزواج، بدليل أنها تنتقد تعدد الزوجات، وإنما هي أرادت أن تبين للرجال المعددين قبح ما يفعلون، وعمق ما يتركه فعلهم من جروح في صدر الزوجات. لكنها في ظني، ضلت الطريق، وأساءت الوسيلة، حين عمدت إلى الكتابة بذلك المنطق السطحي الخالي من الاتزان والحكمة، فانقلب الأمر إلى عكس ما أرادت، حيث أخذ البعض كلامها حرفيا، ووظفه للهجوم عليها والاستدلال به على عدم احترامها الدين أو الالتزام بتعاليم الشرع، فأوهنت القضية من حيث أرادت دعمها، وبدلا من أن تؤخذ مسألة التعدد مأخذا جادا لما فيها من أضرار لا تقتصر على الزوجة وحدها، وإنما تتعداها إلى الأسرة نفسها فتقيض صفاءها ووئامها، تسببت في أن تجعل القضية مثال سخرية وتندر واستدلال على أن الدافع مجرد رغبة في الخروج على الدين والتمرد على التعاليم الشرعية، وقد عانت الكاتبة نفسها من وقوع شيء من ذلك عليها.. ولم تمر سوى بضعة أيام على نشر المقال حتى فاجأ المحامي المصري خالد فؤاد الكاتبة والصحيفة على حد سواء ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الاثنتين “بالترويج للفحشاء والتشجيع على الفجور”. المحامي المصري الذي يشغل منصب نائب رئيس حزب الشعب الديموقراطي اتهم في بلاغه الكاتبة السعودية بالدعوة لازدراء الأديان وهدمها. جريدة"الخليج"الاماراتية عرضت اراء علماء الأزهر الذين أدانوا بدورهم الترويج لتعدد الأزواج في العالم الإسلامي عن طريق بعض وسائل الإعلام العربية ومن خلال كاتبات لا يدركن حقائق الدين الإسلامي وثوابته ومقاصد الشريعة الإسلامية من إباحة التعدد للرجال وحظره على النساء. وقال الداعية والفقيه الدكتور نصر فريد واصل، أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ومفتي مصر الأسبق، إن المقال نوع من أنواع العبث، فالإسلام أباح للرجل أن يجمع بين أكثر من زوجة في ظروف معينة، ووجود دوافع حقيقية لذلك، ووضع الضوابط والقواعد التي تضمن حقوق الزوجات وتحقق العدالة بينهن دون جور على حق واحدة لصالح الأخرى، وفي تعدد الزوجات مصلحة حقيقية للمجتمع وللمرأة قبل أن يكون في ذلك مصلحة للرجل. وأضاف: المنافع والفوائد والمقاصد التي شرع من أجلها تعدد الزوجات كثيرة ومتنوعة، فالزوجة قد تكون عقيمة أو مريضة أو غير قادرة على الوفاء بواجباتها الزوجية تجاه زوجها وهنا يكون من مصلحتها أن يتزوج زوجها من أخرى مع الإبقاء عليها لتظل في رعاية وحماية زوج بدلا من الطلاق ومواجهة مصاعب الحياة بمفردها. أيضا في إباحة تعدد الزوجات مصلحة مجتمعية في ظل ارتفاع معدلات العنوسة في بلادنا العربية وزيادة عدد الإناث على عدد الذكور. في مقابل ذلك يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم، أستاذ السنة النبوية ورئيس اللجنة الدينية بالبرلمان المصري، أن تعدد الأزواج الذي تطالب به الكاتبة السعودية يحتوي على كل أشكال الفساد والانحراف الأخلاقي ويؤدي إلى اختلاط الأنساب. أما الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الشريعة الإسلامية والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية العربية للبنات بالأزهر، فتقول: ما طالبت به الكاتبة في مقالها الغريب والشاذ لم يطالب به أحد من خصوم الإسلام، وغير معترف به في أي ديانة من الأديان السماوية أو غير السماوية، وهو أمر مرفوض من كل البشر، ولذلك لا ينبغي أن نشغل أنفسنا بالرد على هذه التفاهات.