هكذا وفي وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد، تم التآمر على دماء أكثر من ألف وخمسمائة شهيد وآلاف الجرحى الذين أبادتهم وشوهتهم القنابل الفوسفورية وأسلحة الدمار المحرمة، وحرموا من حقهم الإنساني والأخلاقي في تعرية الجلاد ومحاسبته ومحاكمته. وقالت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها :كانت الآمال معقودة على تقرير حاول إنصاف ضحايا المحرقة “الإسرائيلية” للمرة الأولى، بإحالة المجرمين إلى قوس العدالة الدولية بعدما أدانهم التقرير بالجرم المشهود وعن سابق ترصد وتصميم، فإذا بالمفاجأة تأتي كالزلزال “وافقت السلطة الفلسطينية على تأجيل مناقشة التقرير إلى مارس/آذار من العام المقبل”.. أي الموافقة على دفن التقرير وإنقاذ المجرمين الجلادين، بل منحهم صك براءة. لقد هدد نتنياهو بأن تبنّي تقرير جولدستون “سيوجه ضربة قاضية لعملية السلام”، فارتعدت فرائص الواهمين بالسلام بأن تضيع الفرصة، فرضخوا وأضاعوا حقاً من حقوق الشعب الفلسطيني الذي لن يرى إلا المزيد من المحارق والمذابح، لأن السلام في القاموس الصهيوني هو السلام “لشعب الله المختار” والإبادة للفلسطينيين الأغيار الذين يجب أن يخرجوا من الجغرافيا والتاريخ. هل يمكن التصديق بأن من بيدهم القرار الفلسطيني، صدقوا بأن إحالة تقرير جولدستون إلى مجلس الأمن ثم إلى المحكمة الجنائية الدولية “سوف يوجه ضربة قاضية لعملية السلام”؟ إذا صدقوا فإن ذلك يعني الموافقة على إهدار الحق الفلسطيني والمشاركة في التواطؤ على القضية وأهلها ودماء شهدائها. تسوية.. أية تسوية، ما دام نتنياهو يرفض مجرد تعليق أو تجميد الاستيطان لأشهر عدة، وما دامت عملية تهويد القدس تجري على قدم وساق و”سداح مداح” كما يقول المثل، من دون أن يرف جفن لأولي أمر القدس بما تمثل من قداسة وتاريخ و.. و.. من حق “إسرائيل” أن ترفض تقرير جولدستون لأنه يدينها ويجرمها، ومن حق الولاياتالمتحدة الحاضنة للصهيونية أن تؤازرها.. لكن ليس من حق أي فلسطيني، أياً كان، أن يتواطأ على الدم الفلسطيني، لأنه يكون بذلك شريكاً في المحرقة والتغطية عليها.