لا يتحمس الأمريكيون كثيرا لحرب قادمة مع إيران, يمكن أن تبدأ غدا دون أن يدرك أحد متي, وكيف يمكن أن تنتهي, برغم تأكيدات الرئيس أوباما بأن إدارته لن تسمح لإيران بامتلاك قنبلة نووية, وأنها سوف تكون علي استعداد لاستخدام كل الوسائل والأدوات كي تمنع تحقيق هذا الهدف إن فشل التفاوض المباشر الذي يوشك أن يبدأ بين البلدين في إنجاز تسوية سلمية للملف النووي الإيراني. لكن الامريكيين لن يكونوا علي استعداد لقبول القنبلة النووية الإيرانية كأمر واقع مهما تكن النتائج, وإن كانوا يفضلون الآن بناء تحالف دولي قوي يساعدهم في الضغط علي إيران وإلزامها قبول التسوية, تحت سيف التهديد بتوقيع حزمة رابعة من العقوبات, تفرض حظر استيراد وتصدير المنتجات البترولية مع إيران, ويعولون كثيرا علي أن يلعب الروس دورا وسيطا في حل الأزمة. ومع أن غالبية المراقبين الدوليين بمن فيهم مدير الوكالة الدولية للطاقة محمد مصطفي البرادعي, الذي اضطلع بدور مهم في المفاوضات مع طهران, وكان أكثر المتحمسين لبدء حوار مباشر بين طهران وواشنطن, يعتقدون أن الملف النووي الإيراني سوف يجد في النهاية تسوية سلمية وأن التشدد الإيراني الراهن هو جزء من أسلوب البازار الإيراني في التفاوض, لكن الصفقة سوف تتم في النهاية إلا أن هناك ثمة مخاوف حقيقية من أن يقع الإيرانيون في حسبة خاطئة, يتصورون معها أن الأمريكيين باتوا أضعف من أن يخوضوا حربا ثالثة, وأن القدرة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة قد انهكت تماما في حرب العراق وأفغانستان بعد أن فقدت أكثر من خمسة آلاف قتيل و35 ألف جريح إضافة إلي تريليون دولار استنزفت الخزانة الأمريكية, وأن أمام طهران فرصة كبيرة في أن تصبح قوة نووية وتحقق نصرا ضخما يؤكد دور ومكانة إيران كقوة عالمية وإقليمية. لكن الواضح أن جزءا كبيرا من هذه الثقة الزائدة بالنفس التي كانت الدافع الرئيسي لخطب أحمدي نجاد العنترية في فترة رئاسته الأولي قد تقوض في خضم الأحداث الأخيرة التي كشفت عمق التفكك الذي طرأ علي جبهة إيران الداخلية... ومهما تكن النتائج المتوقعة, فالأمر المؤكد أن مصير الملف النووي الإيراني سوف يتحدد حربا أم سلاما قبل نهاية هذا العام, الموعد الذي حدده أوباما لنهاية التفاوض. الاهرام*