الجمهورية :2/5/2009 بلغت دقة تمييز الاشكال التي ترصدها الأجهزة الالكترونية التي تحملها الأقمار الصناعية السابحة في الفضاء الكوني من حولنا لدرجة تفسير أجسام بحجم قبضة اليد وربما تصل لتمييز الأصابع المتشابكة للمحبين علي الشواطئ وبالحدائق العامة "عند صفاء الجو" واتسع علي الجانب الآخر نطاق استخدام الاشعة النافذة ليشمل تأمين مداخل المواقع الهامة ومحتويات حقائب المسافرين علي الطائرات بالاضافة لكشف العاهات الداخلية بالجسم البشري وتحديد نوع الجنين بالمجال الطبي وتضاريس وحدود الاجسام تحت الملابس الساترة لها مهما بلغت كثافتها. كما يسر التطور التكنولوجي من ناحية ثالثة عمليات التنصت ومراقبة الأحاديث والصور والمحررات المرسلة عبر اسلاك الهواتف وموجات الاثيروشبكات النت والبلوتوث وغيرها بل وامكن التسلل عن طريقه لفك شفرات الحواسب غير المؤمنة وكشف محتوياتها. إلا أن أغرب مصدر لتعرية شق آخر من الأسرار والجرائم البشرية هو ما يمكن استخلاصه من القمامة بداية من جرائم القتل التي يتفنن مرتكبوها في اخفاء معالمها بتفتيت الجثث أو وضعها في أجولة أو أكياس للايهام بأنها بقايا ذبائح أو لحوم لتنهشها الحيوانات الضالة فتزيد من طمس معالمها فتأخذ طريقها لتتعفن أو تتحول لاسمدة أو تلقي كنفايات لتتغذي عليها الطيور أو الاسماك أو تدفن في الأرض إلي أن يشاء المولي. كما انها أي القمامة قد تحوي مخطوطا يورط صاحبها أو يدينه بالاتصال باحدي المنظمات المشبوهة أو ضلوعه في القيام بأعمال محظورة مثلا أو يدعم اتهام آخر بتعاطي مخدر سبق ضبطه معه قبل العثور علي سرنجات ملوثة ببقاياه في قمامته. رغم أن وجود تلك الآثار والقرائن بالقمامة لا يعتد به كدليل دامغ علي القيام بالفعل أو اتخاذه كبرهان مؤكد وقاطع علي الارتباط بحدث أو وقوع جريمة إلا في بعض الأحوال الخاصة. وقد ينعدم في كثير من الأحوال أثرها عندما يقتصر الأمر عليها أو تنفرد بها أوراق الاتهام. وإذا كانت قضية التخلص من القمامة قد تصدرت اهتماماتنا بالآونة الأخيرة إلا ان تلك الوقائع قد رفعت من درجة الاهتمام بمحتوياتها بالاضافة إلي ما يمكن ان يسببه محتواها من مواد ضارة أو سامة أو أمراض خطيرة أو اوبئة يمكن ان تودي بأحياء كاملة فضلا عما تحمله من اسرار تميز حالة اصحابها فقرا أو غني وبزخا أو قحطا ومرضا أو صحة عن طريق قراءة ما تحتويه من بقايا غذاء أورداء أو دواء كما ينبئ بعضها عن الحالة المزاجية والسلوكية لأفراد تلك الاسر ومدي اهتمامهم بالنظافة والنظام أو الاقتصاد والتبذير أو حتي التبديد وربما المهارة في أداء الأعمال المنزلية لتصبح دليلا أو وثيقة للمتقدمين لطلب يد عروس من تلك الاسر. رغم ان هذا الفعل قد يقع في نطاق التجسس المنهي عنه بالشرائع السماوية. وقد اتسع من جهة رابعة نطاق الاحتراف بمهنة الفرز المتخصص للقمامة بالآونة الأخيرة بحثا عن البلاستيكيات أو الجلود أو الاخشاب والاقمشة وغيرها وللاسف قبل نقلها حتي لو ادي ذلك لبعثرة محتواها وأسرارها في الطرق. ولتجنب تلك المسالب فقد يكون من الافضل تطبيق فكرة نقل القمامة في أنابيب رأسية تستند علي أحد الجدران الجانبية لاي عقار أو بمنوره واسقاط أكياس القمامة بها من الداخل عن طريق فتحات ذات اغطية يتم فتحها من منافذ بالمطابخ أو بمناور السلالم وتنتهي تلك المواسير من اسفل بصناديق محكمة كبيرة تتناسب مع عدد السكان بالعقار. وتمر العربات المخصصة عليها بصفة دورية لفتح أبوابها الجانبية وجمعها في مواقيت محددة مع العناية بتعقيمها أسبوعيا. وفضلا عن حفظ هذا النظام للقمامة من البعثرة في الشوارع والحد من انتشار الحشرات والأمراض والحيوانات الضالة فانها ستوفر حلا سهلا لمشكلة جمعها من الوحدات السكنية أو ما يمكن ان ينبعث عنها من روائح كريهة والحفاظ علي النظافة العامة والمظهر الحضاري للمجتمع. مع ضرورة الانتباه لدعم آي نظام لجمعها وللنظافة العامة وحتي الخاصة بزيادة جرعة التوعية سواء المطروحة اعلاميا أو التي يجب ان يتم غرسها في النشء بالمدارس لان اثرها لا يتوقف عند الصحة العامة والحفز علي الانتاج بل يتخطاه لتوفير حياة حضارية آمنة وسعيدة.. لان النظافة.. من الإيمان.