الاهرام 1/2/2009 كان من الضروري أن يحذر وزير خارجية مصر دول الاتحاد الأوروبي من ارسال فرقاطات وسفن حربية الي مياه غزة وشواطئها في البحر المتوسط, بدعوي منع تهريب الأسلحة الي المقاومة الفلسطينية في غزة.. وقد بدا وكأن غزة هي التي شنت الحرب علي اسرائيل وليس العكس, وأن صفقات السلاح المتدفق من أوروبا وأمريكا علي اسرائيل قد ضلت طريقها الي غزة أو أن مهمة الاتحاد الأوروبي هي حماية اسرائيل من حماس!! اختزل الاتحاد الأوروبي المشكلة كلها في تهريب السلاح ولم يستطع أن يقوم بدور ايجابي لا في منع وقوع المذبحة ولا في تقديم العون اللازم لازالة آثار النكبة الانسانية التي حاقت بالمدنيين.. وذلك بالرغم من عدم انقطاع سيل المبعوثين الأوروبيين الذين جاءوا وذهبوا بوعود الضغط علي اسرائيل لاعادة فتح المعابر ودعم الجهود المصرية لتثبيت وقف اطلاق النار وجمع الفلسطينيين حول حكومة وحدة وطنية تتولي تنفيذ خطط الاعمار. ومنذ البداية انطلقت سياسة الاتحاد الأوروبي من افتراض خاطئ, استجاب للمطالب الاسرائيلية ولسياسة الحرب ضد الارهاب التي اخترعتها ادارة بوش لفرض حصار علي الحكم القائم في غزة بدعوي أن حماس منظمة ارهابية وأن من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها.. بينما ينتزع الأوروبيون من الشعب الفلسطيني حقه في الدفاع عن نفسه حيال الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي وما يستتبع ذلك من تجويع وحصار. وبذلك اشترك الأوروبيون بقصد أو بدون قصد في تهيئة الظروف التي بررت العدوان الاسرائيلي علي غزة.. وقالوا نحن ندفع أموالا للسلطة!! لا عجب إذن أن يكون أول تصريح يدلي به مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الانسانية لوي ميشيل, وقد أعماه الانحياز عن رؤية ما جري في غزة, بأن حماس هي المسئولة لأنها حركة ارهابية.. ولن يقوم الاتحاد الأوروبي بدوره نحو السلام إلا اذا اعترفت حماس بإسرائيل وقبل سنوات زار هذا الرجل مخيم خان يونس, وكان وزيرا لخارجية بلجيكا وأدان حينذاك جرائم الاحتلال الاسرائيلي بالنازية. يحدث هذا الانقلاب الأخلاقي والسياسي لدي المسئولين الأوروبيين بمنتهي البساطة.. ومثله فعل كوشنير وزير الخارجية الفرنسية عندما كان رئيسا لمنظمة أطباء بلا حدود بينما يبرر لاسرائيل هذه المرة حقها في الدفاع عن نفسها. ولهذا السبب لم تكترث اسرائيل بالمطالب الأوروبية لفتح المعابر, برغم التصريحات المنحازة للرؤساء الأوروبيين الذين زاروا تل أبيب وبرغم مسارعتهم التي لم يطلبها أحد بارسال قوات لمراقبة الحدود لمنع تهريب الأسلحة, وهو ما رفضته مصر, ثم أعقبت ذلك بارسال السفن الحربية. يتجاهل الأوروبيون ما أسفرت عنه حرب غزة من حقائق علي أرض الواقع. فقد أدت مشاركة الأوروبيين في حصار غزة إلي تعميق الانقسام الفلسطيني. وباتت عملية الاعمار مهددة اذا أصر الاتحاد الاوروبي علي استبعاد حماس.. وقد يدرك المبعوث الأمريكي ميتشيل هذه الحقائق في جولته الراهنة!