أيام قليلة, وتطل علينا قضية مثيرة للجدل, دائما ما تظهر بين الحين والآخر, ويتم تضخيمها بشكل مبالغ فيه من قبل بعض وسائل الإعلام, وهي قضية سجون الترحيلات في المملكة العربية السعودية, واكتظاظ المواطنين المصريين بها, والمعاملة السيئة التي يلاقونها والدور السلبي الذي تلعبه وزارة الخارجية المصرية, وبالتبعية القنصلية. في الغالب يتم تضخيم هذه القضية, بشكل يصور للجميع, أن كرامة المواطن المصري تهدر, وهناك إهانات شديدة توجه لهم, مع أن الحقيقة تؤكد غير ذلك وان كل ما يقال ما هو إلا تهويل وتضخيم. والسبب في ذكر انه بعد ايام قليلة ستظهر هذه المشكلة هو نهاية موسم الحج للعام الحالي, ومن أقام في المملكة العربية السعودية بطريقة غير شرعية لأداء المناسك ويرغب في العودة إلي مصر, يجب عليه ان يذهب الي سجن الترحيلات, من اجل استكمال اوراقه, واعطائه تصاريح السفر لمغادرة البلاد, والمتخلفون من العمرة للحج اعداد ليست بقليلة, اذن سيكون هناك ازدحام في سجون الترحيلات, وهو أمر متوقع. سجون الترحيلات وفي البداية يجب أن نعرف أن سجون الترحيلات السعودية, توجد في مدينة جدة فقط, وهي مخصصة لمن هو مخالف للنظم, والقوانين السعودية, وبخاصة الإقامة, ويتم وضع المخالف في هذه السجون لإنهاء جميع الإجراءات اللازمة من استخراج أوراق, والكشف عن أي مخالفات, قد ارتكبها الشخص المرحل, ومن ثم حجز تذاكر السفر, وفي الغالب تستغرق هذه الإجراءات فترة لا تتعدي الأسبوع في أصعب الأحوال, كما أن سجن الترحيلات, لا يتم إدراجه تحت منظومة السجون بالمفهوم الشامل, ولكن ما هي إلا محطة, حتي يتم ترحيل المخالف فقط. وإذا نظرنا إلي من الذي يجب ان يوضع في سجن الترحيلات قبل سفره فسنجد انه المخالف للقوانين السعودية في الاقامة الشرعية, بالاضافة الي من يصدر عليه حكم بالترحيل وبالنسبة لحالة الاقامة غير الشرعية, فهو من يحصل علي تأشيرة عمرة, ويتخلف عن العودة لأرض الوطن, ويبحث عن عمل بطريقة غير شرعية, مما يضعه تحت طائلة القانون السعودي, وفي حال القاء القبض عليه, يتم ايداعه في سجن الترحيلات وإبلاغ القنصلية المصرية لاستخراج وثيقة السفر, وترحيله الي مصر. والحقيقة التي يجب ألا نغفلها جميعا, ويجب أن نتعامل معها بمحمل الجد وليس العاطفة فقط أن كل من هو داخل سجون الترحيلات هو مخالف لكل القوانين واللوائح التي تضعها المملكة العربية السعودية, والتي يجب أن يحترمها كل من هو مقيم علي اراضيها, والمخالف عقابه الوحيد هو الترحيل من البلاد, ولا توجد احكام جنائية او الحبس, اذن فمن اخطأ ولم يلتزم بالقوانين فعليه أن يتحمل, ولا يلقي باللوم علي الآخرين. دور القنصلية والنقطة الثانية والمهمة, هي الدور الفاعل الذي تلعبه القنصلية المصرية بجدة, والتي تعمل علي تذليل جميع العقبات من اجل سرعة إنهاء إجراءات المرحلين, فهي تتعامل مع اعداد تتعدي المئات في اليوم الواحد, وعليها مخاطبة العديد من الجهات المسئولة, قبل استخراج وثائق السفر لتر حيل المواطن المصري في أسرع وقت ممكن, وهو ما تقوم به, وإن حدث أي تأخير, فهو بالتأكيد أمر خارج عن الإرادة, كما يوجد مندوبون دائمون للقنصلية المصرية داخل سجون الترحيلات من أجل استقبال المواطنين المصريين وأخذ بياناتهم. وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي الي تكدس المصريين في الترحيلات السعودية, وذلك في اوقات محددة, وهي فترة ما بعد عمرة رمضان, ومناسك الحج, والأجازات الصيفية, وذلك لأسباب عدة, أهمها عدم وجود عبارات بوفرة علي خط جدةالسويس أو سفاجا بسبب ضغط الحجوزات للعودة, وهو بالفعل ما يؤخر عملية الترحيل في هذه الفترة, وقد اتفقت القنصلية المصرية مع شركة مصر للطيران علي المشاركة في نقل المرحلين المصريين منعا للتكدس داخل الترحيلات. عمليات النصب ولكننا هنا يجب ان نتوقف عند نقطة مهمة جدا, قبل ان نلقي باللوم علي دولة تطبق قوانينها, او علي وزارة الخارجية المصرية بأنها لا تقوم بالدور المنوط بها لحماية المصريين في الخارج, وهي يجب أن تكون هناك توعية صحيحة للشباب المصري الذي يقع في براثن سماسرة تأشيرات العمرة, والتي وصل سعرها الي ارقام جنونية, حيث يقنعون الشاب بأنه بمقدوره وبموجب هذه التأشيرة ان يتخلف في الاراضي السعودية وان يحصل علي فرصة عمل تدر عليه المال الوفير, وهو بالفعل أمر غير صحيح, فلن يجد هذا الشاب اي فرصة, وان وجدها فستكون دونية, وفي الغالب يتم القبض عليه واتخاذ اجراءات ترحيله. أما أكبر عمليات النصب التي تتم, فهي التي يقوم بها بعض السماسرة في مصر وذلك بإقناع معتمري رمضان, بإمكان بقائهم في الأراضي السعودية من رمضان, وحتي موسمم الحج, لأداء المناسك والعودة مرة اخري وهو ما يطلق عليها الحجة الكبري, حيث يتم استنزاف مبالغ مالية ضخمة منهم, ويقوم السمسار الذي قام بعملية النصب, بتأجير احد المنازل وتكديس أعداد كبيرة من المصريين, وصلت في بعض الأحيان إلي وجود100 شخص في شقة من4 غرف, ويطلب منهم عدم الخروج من هذا المنزل حتي بداية موسم الحج, ولكن سرعان ما تتم مداهمة المنزل من قبل السلطات السعودية, التي تقوم بحملة مداهمات كبيرة في مكة قبل موسم الحج, ليتم إيداعهم في سجون الترحيلات وتضيع عليهم الأموال وأداء فريضة الحج. إذن وبعد كل ذلك فمن المسئول عن تكدس المواطنين المصريين في سجون الترحيلات.. هل هو السلطات السعودية, أم الخارجية المصرية, أم أنه المواطن المصري الذي يجهل عن عمد أو دون عمد القوانين, التي تضعها الدولة التي يزورها, أو يرغب في الإقامة علي أراضيها؟!.