تمكن العلماء من إنجاز اختراع جديد يمثل ثورة فى التصنيع بدءاً من التليفزيون حتى الطائرات. اسمه ورق الباكي ويبدو مظهره مثل ورق الكربون العادي ولكنه في الحقيقة غير عادي، فهو أخف من الصلب عشر مرات وأقوى منه خمسمائة مرة وذلك عندما توضع الشرائح فوق بعضها وتضغط معاً لتشكل مركب. هذا المركب ليس على غرار المركبات التقليديه فهو موصل جيد للكهرباء مثل النحاس والسليكون ومشتت للحراره مثل الصلب وكبريتات الحديد. ورق الباكي عبارة عن شريحة رقيقة من أنابيب الكربون متناهيه الصغر، وسمك أنابيب الكاربون تلك أرفع 50,000 مرة من شعرة الإنسان. وترجع قوته إلى مساحة السطح الضخمه لكل أسطوانة كربون متناهيه الصغر. فإذا أخذت جرام من هذه الأسطوانات وقمت بفرد كل أسطوانة إلى ورقة جرافيت يمكنك تغطيه ثلثي ملعب كرة قدم. وكان قد تم تصنيعه فى البداية كوسيلة للتعامل مع أنابيب الكربون الاسطوانية ولكن بدأ العلماء هذا العام فى دراسته وتطويره لاستخدامه فى تطبيقات مختلفة، مثل أجسام السيارات المدرعة والجيل الجديد من الإلكترونيات. ويعتبر العلماء ورق الباكي بخصائصه الفريدة مادة معجزة تستخدم فى صناعة طائرات وسيارات أخف وزناً وتحقق كفاءة الطاقة وكذلك أجهزة كمبيوتر أقوى وشاشات تليفزيون مطورة. وظلت فكرة أن هناك مستقبلا واعدا لورق باكي والمشتقات الآخرى للاسطوانات متناهيه الصغر - المعروفه باسم أنابيب الكربون متناهيه الصغر - محل بحث لسنوات طويلة. والآن أعلن علماء جامعه فلوريدا إحرازهم تقدماً كبيراً يمكن أن يحول الإفتراض إلى واقع. تكتل الاسطوانات متناهية الصغر ويتم فى الوقت الحالي إنتاج ورق الباكي بكميات قليلة وسعر مرتفع داخل المعامل. ويعكف باحثون بجامعه فلوريدا على تطوير تقنيات تصنيع تساعده على المنافسة مع أفضل المركبات المتوفرة. وبدأت الجامعة فى إنشاء شركة لإنتاجه بشكل تجاري. ويتوقع أن يحدث إنتاج ورق الباكي ثورة تكنولوجية فى مجال الفضاء الجوي. وكانت فكرته قد جاءت من الفضاء الخارجي، عندما كان العالم البريطاني هاري كروتو وجامعه رايس يقومان بتجربة لخلق الظروف الموجودة في النجمة. كانوا يريدون معرفة كيف تقوم النجمة - مصدر كل الكربون فى الكون - بخلق العنصر الذى يعد اللبنة الرئيسية للحياة وهو الكربون الأولي. وقد سارت التجربة كما هو متوقع لها ولكن تم إكتشاف شىء غير متوقع، وهو جزىء لديه 60 ذره كربون يشبه كرة القدم ونموذج القبة الجيوديسيجية التي كان يروج له ريتشارد باكمينستر فولر(باكي فولر) المخترع الأمريكي. وهكذا تم إطلاق اسم باكمينسترفلورين وكرات باكي على الجزىء الجديد تكريماً لباكمينستر فولر. وكان العلماء ريتشارد سمالي وهارولد كروتو وروبرت كيرل فازوا بجائزة نوبل في الكيمياء في عام 1996 لاكتشافهم الباكمنيستر فلورين (عائله الكاربونات المركبة) التي أدت إلى ثورات علمية متعددة فى علم الفيزياء والمادة. وهناك تحديان مرتبطان باسطوانات الكربون متناهيه الصغر، الأول أن الاسطوانات تتكتل معاً فى زوايا غريبة مما يحد من طولها. والحل الذى توصل إليه الباحثون لهذه المشكلة هو تعريض الاسطوانات لمغناطيسية عالية حتى تصطف جميعاً فى صف واحد مما يزيد قوتها. والتحدي الثاني أن الاسطوانات ملساء مما يجعل من الصعب ربطهم ببعضهم. ويسعى الباحثون لصنع عيوب على سطح الأسطوانات لتحسين ارتباطهم معاً. ويتطلب الأمر حوالى خمس سنوات للحصول على مادة معتمدة لاستخدامات الطيران. لذا من المتوقع أن يستخدم ورق الباكي فى البداية كواق من التداخل الكهرومغناطيسي وحماية الطائرات من البرق. فالدوائر الكهربائية والأسباب الطبيعية مثل الشمس يمكن أن تتداخل مع الراديو والأجهزة الإلكترونية الأخرى. وبعد ذلك سيستخدم كقطب إلكتروني لخلايا الوقود والبطاريات. ثم تأتي المرحله التالية ليستخدم كبديل لشرائح الجرافيت الموجودة فى الكمبيوتر المحمول لتبديد الحرارة المضرة على الإلكترونيات. ويتمثل الهدف طويل المدى فى استخدامه فى صناعة الطائرات والسيارات. كما تتطلع القوات المسلحة لاستخدامه في طلاء السيارات المدرعة وتكنولوجيا التسلل.