أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الثلاثاء أن حكومة بلاده ستضخ أموالا بشكل مباشر في مؤسسات مالية من خلال شراء حصص من الأسهم في مسعى للمساعدة في فك جمود أسواق الائتمان الناجم عن انهيار سوق الإسكان. وأوضح عقب اجتماع مع كبار مستشاريه الاقتصاديين أن هذا الإجراء قصير الأجل ضروري لضمان قدرة النظام المصرفي الأمريكي على البقاء. وأضاف أن رأس المال الجديد سيشجع البنوك على استئناف الإقراض وهو ما سيعزز خلق الوظائف والنمو الاقتصادي. وأشار الرئيس الأمريكي أن البرنامج أعد بعناية لتشجيع البنوك على إعادة شراء تلك الأسهم من الحكومة عندما تستقر الأسواق وبإمكانها جمع رأس مال من مستثمرين من القطاع الخاص. وأصر على أن الخطوت الحكومية ستكون محدودة ومؤقتة و لاتهدف للاستحواذ على السوق الحرة. وقال بوش "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تحدث جهودنا تأثيرها الكامل.. لكن يمكن للشعب الأمريكي أن يكون واثقا فيما يخص مستقبلنا الاقتصادي طويل الأجل، لدينا إستراتيجية عريضة ومرنة وتستهدف السبب الأساسي لمشكلتنا". من جهته أوضح وزير الخزانة الأمريكية هنري بولسون بعد ذلك أن 250 مليار دولار ستخصص لشراء أسهم بالبنوك، وأن تسع مؤسسات مالية كبرى وافقت على أن تساهم الدولة في رءوس أموالها في إطار هذا البرنامج. وتابع بوش أن سندات الخزينة التي أصدرتها المصارف ستحظى بضمانة "فورية" لكن لفترة محدودة وأن ضمانة الدولة ستشمل أيضا كل الحسابات الجارية. وبعد ذلك أعلنت الهيئة الفيدرالية الأمريكية لضمان الودائع المصرفية الثلاثاء أنها ستضمن الديون الجديدة التي تحظى بأولوية للمصارف لمدة ثلاث سنوات، كما ستوسع أيضا ضمانتها لتشمل كل الودائع المصرفية التي لا تحمل فوائد بغض النظر عن قيمتها. ويمثل قرار المساهمة المباشرة في رأس مال البنوك تراجعا عن النهج السابق من جانب إدارة بوش، وأبلغ وزير الخزانة هنري بولسون المشرعين في وقت سابق بأن فعل ذلك سيكون إقرارا بالفشل. ودفعت الخطط الجديدة إلى جانب جهود مماثلة في دول غنية أخرى أسواق الأسهم في أنحاء العالم للصعود بعدما منيت بخسائر فادحة الأسبوع الأول من أكتوبر. وكانت مصادر قد ذكرت في وقت سابق الثلاثاء أن وزارة الخزانة الأمريكية تعتزم ضخ حوالي 250 مليار دولار في بنوك أمريكية مستخدمة أموالا من حزمة الإنقاذ المالي البالغة 700 مليار دولار التي أقرها الكونجرس ووقعها بوش في أكتوبر/تشرين الأول 2008، وتوقعت أن يتم توجيه نحو نصف المبلغ إلى أكبر تسعة بنوك أمريكية لحملها على إقراض بعضها البعض. وقال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في مقال في صحيفة وول ستريت جورنال إن الإجراءات التي لم يذكرها بالتفصيل تمثل محاولة شاملة لإنهاء الأزمة التي بدأت بانهيار سوق الإسكان الأمريكي وتهدد الآن الصناعة والوظائف على مستوى العالم. وكتب يقول: إن هذه الخطوات ستمكننا من استعادة المزيد من الأعمال الطبيعية للسوق وتشجع رأس المال الخاص على دعم أسواق المال بدرجة أكبر. وذكر مصدران أن وزارة الخزانة ستشتري حصصا في "بنك أوف أمريكا"، و"ويلز فارجو" و"سيتي جروب" و" جيه.بي مورجان" و"جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي"، و"بنك أوف نيويورك ميلون كورب". كما افادت تقارير صحفية ان أموال ستضخ كذلك لتعزيز رأسمال كل من "ستيت ستريت كورب" و"ميريل لينش". وانضمت اليابان للتحرك الدولي قائلة انها يمكنها ضخ أموال عامة في بنوك المنطقة لتمكين المؤسسات الصغيرة من الحصول على السيولة. وساعدت خطط مماثلة في أوروبا على استعادة ثقة المستثمرين الاثنين، فقد عرضت لندن وبرلين وباريس ضخ مباشر لرؤوس أموال البنوك وضمان القروض فيما بين البنوك لإنعاش أسواق النقد المجمدة التي تهدد الشركات التي تعاني من نقص السيولة والقطاع المصرفي ذاته. ووافقت ألمانيا على خطة انقاذ تبلغ قيمتها نحو 500 مليار يورو (679 مليار دولار) للبنوك وخصصت فرنسا 360 مليار يورو لذلك. وبريطانيا التي قادت الطريق بخطتين لشراء حصص في البنوك ودعم سوق النقد تعهدت بمبلغ 250 مليار جنيه استرليني لضمان الإقراض فيما بين البنوك وخصصت 37 مليار جنيه استرليني لشراء حصصا في المؤسسات المالية الكبرى. وحتى الخليج المفعم بإيرادات النفط اتخذ إجراءات، فأعلنت الأمارات العربية المتحدة انها ستضخ 70 مليار درهم (19 مليار دولار) من التمويل الطاريء في قطاعها المصرفي. واستجابت الأسواق للإجراءات الحكومية التي اتخذت على مستوى العالم. فارتفعت أسعارالأسهم الأسيوية، والأوروبية وكانت العديد من أسواق الأسهم قد تراجعت بنحو 20 % الأسبوع الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2008 وسط موجة من الفزع وقال الخبراء إنه رغم تجنب انهيارأسواق المال إلا أن شبح الكساد العالمي لم يبتعد بعد. وشهدت أسواق النقد بعض الارتياح غيرأنها مازالت بعيدة عن التعامل بشكل طبيعي. في لندن تراوح سعر فائدة التعاملات فيما بين البنوك بين 1.5 و3 % من ما بين 2 و4 % في الاثنين، لكن أسعارالفائدة على ودائع ثلاثة أشهربالدولارالأمريكي لم تتراجع وظلت عند ما بين 4 و5.4 %. ويوم الاثنين قال مجلس الاحتياطي الاتحادي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا وبنك سويسرا الوطني إنها ستقرض البنوك التجارية كل ما تحتاجه من السيولة بالعملة الأمريكية (رويترز، أف ب)