فاجأ السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية "هوراس إنجدال" الجميع بإعلانه فوز الأديب الفرنسي "جان ماري جوستاف لو كليزيو" - البالغ من العمر 58 عاما - بجائزة نوبل للآداب 2008، وهو أول فرنسي يفوز بهذه الجائزة منذ عام 1985. ورغم التكتم الشديد من قبل الأكاديمية لأسماء المرشحين للجائزة وعدم الإفصاح عن المداولات الدائرة لاختيار الفائز، إلا أن أسماء قد طرح ترشيحها وضمتها قائمة وكالة "لادبروكس" للمراهنات. وتمثل إبداعات "جان ماري جوستاف لو كليزيو" - الفائز بالجائزة - حصاد انصهار ثقافات إفريقية وشرق آسيوية وإنجليزية وفرنسية وصحراوية مغربية، بالإضافة إلى ثقافات الهنود الحمر. وكان أبرز المنافسين لجوستاف الأديب الإيطالي "كلاوديو ماجريس" عابر الحدود، الذي ولد في مدينة تريات الإيطالية الواقعة على بحر الأدرياتيك. درس الأدب الألماني في تورينو ثم في جامعات ألمانية مختلفة. وقام بترجمة أعمال كلايست وإبسن وشنيتزلير وبوخز. وكتب العديد من الدراسات المهمة ذات الأسلوب الخاص، أشهرها "الدانوب" راصدا خلالها تاريخ وثقافات البلدان التي يمر منها هذا النهر الكبير الذي ينبع في الغابة السوداء ويجري في ألمانيا والنمسا والمجر وصربيا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا ويصب في البحر الأسود. وفي كتابه الأخير الذي حمل عنوان "يوتوبيا وخيبة أمل" يعيد قراءة كلاسيكيين كبار من أمثال الشاعر الفرنسي "فيكتور هوجو" والألماني "جوته"، وكذلك "كافكا" و"دستويفسكي" و"سرفانتس" و"هرمان جوخ" و"بورخيس" وغيرهم. وفي مقدمة "يوتوبيا وخيبة أمل" يكتب عن علاقته بمدينة تريات التي علمته الانفتاح على الثقافات الأخرى، قائلا: "عندما كنت صغيراً، لم تكن تريات فقط مدينة حدودية، لكنها كانت تبدو هي نفسها حدوداً مكونة من كمية من الحدود التي تتشابك داخل ترابها". ويضيف ماجريس أن "مدينة تريات تعيش على الخط الفاصل بين الشرق والغرب، فهي فضاء تتعايش فيها ثقافات وشعوب مختلفة ومتنوعة، فهناك الكرواتيون والسلوفينيون والصرب." ومن أشهر أعماله "رحلة أوديسو وأوليسه". وبينما كان الأديب الأمريكي "فيليب روث" ينتظر أن تعبر الجائزة المحيط الأطلنطي، جاء إعلان الأكاديمية السويدية ليخيب آمال مؤلف اليهودي، الذي تنوعت كتاباته ما بين السخرية السياسية، والمحاكاة، والخرافة، قبل أن يعود إلي الرومانسية والسيرة الذاتية. وفي عام 2004 جاءت روايته "مؤامرة ضد أمريكا" لتجعل منه أفضل روائي معاصر يتناول الروايات الشخصية. وكان من الممكن أن تفجر جائزة عام 2008 مفاجأة كبرى، لكن استبعاد الشاعر والمغني وعازف الجيتار الأمريكي "بوب ديلان" أعاد الجائزة إلى "حضن الرواية". وكان "ديلان" الذي تحدى بأغنياته الأولى موسيقى البوب السائدة خلال فترة الستينيات، بما تحمله أغنياته من كلمات فلسفية حتى أصبحت نشيدا لحركات الحقوق المدنية. وكان قد غير اسمه من "روبيرت زيميرمان" إلى "بوب ديلان" تيمنا بالشاعر "توماس ديلن". كما أحبط إعلان جائزة نوبل للآداب الإسرائليين الذين كانوا يأملون في فوز "عاموس عوز"، الذي ترجمت أعماله إلى 30 لغة من بينها العربية، وهو من المعارضين للاستيطان منذ بداياته، ومن المرحبين باتفاقية أوسلو، والمنادين بفتح باب الحوار مع "منظمة التحرير الفلسطينية"، ومن أشد المحتجين على السياسة الإسرائيلية، خاصة بعد نشر التقرير النهائي للجنة "فينوجراد" التي تقصّت وقائع حرب لبنان في صيف 2006. ومع إعلان النتيجة يستعيد الأدباء العرب ذكرى فوز الأديب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988 والذي لم يتكرر حتى الآن.