يجاهر نوح زعيتر اللبناني المطلوب للعدالة بمئات الجرائم بأنه يزرع القنب الهندي ويتاجر به لكنه يؤكد أن ذلك لم يكن خيارا بل فرضته الظروف في بلدته الصغيرة الواقعة في شرق لبنان. ويتنقل زعيتر (37 عاما) الذي يربط شعره الطويل ويرتدي الجينز الضيق وجزمة رعاة البقر الأمريكيين في قريته محاطا بحراسه الشخصيين. وهو يعتبر من بين أبرز مزارعي المخدرات والمتاجرين بها البالغ عددهم نحو 50 في منطقة البقاع (شرق) الخارجة معظمها عن سلطة القانون حيث يفلتون من العقاب بشكل شبه تام. ويشكل اسم هذه المنطقة منذ سنوات عدة مرادفا لزراعة المخدرات والاتجار بها. يضع زعيتر على وسطه مسدسا فيما يحمل حراسه رشاشات حربية أو قاذفات صاروخية ويطلقون على انفسهم القابا منها "النمر" و"العقرب" و"بن لادن". يقطن زعيتر في بناء واسع شيده في قرية الكنيسة على سفح سلسلة جبال لبنان الغربية التي تفصل منطقة البقاع التي تعتبر معقلا لحزب الله عن منطقة الأرز في الشمال. عند المدخل ينتصب برج مراقبة عال ينبه العابرين من عدم الاقتراب. في باحة المنزل الداخلية تقف عدة سيارات زجاجها قاتم من بينها واحدة من نوع هامر وسيارات رباعية الدفع. يقف زعيتر أمام حقول القنب الممتدة حول منزله ويقول بنبرة تحد "انا لا أخشى أحدا سوى الله". الشرطة لا تعتبره أكبر تاجر مخدرات في لبنان بيد أن زعيتر المسلم الشيعي يتميز عن غيره من التجار بأنه أكثر صراحة ولا يشعر بالخجل من الترويج لما يقوم به. يتحدث زعيتر بصراحة عن نشاطاته غير المشروعة مشددا على أنه لم يختر نمط حياته إنما الظروف فرضته عليه. ويشدد على استقلاليته مؤكدا أنه لا ينتمي الى اي طرف ولا يتمتع بحماية اي تيار سياسي. يحيط زعيتر نفسه خلال تنقلاته ب14 حارسا مسلحا وهو اب لاربعة اولاد اكبرهم علي واصغرهم غيفارا. ويقول "نزرع القنب لان لا خيار اخر عندنا. انه المنتوج الوحيد الذي باستطاعتنا تصريفه". ويضيف "لم تؤمن الدولة زراعات بديلة مدعومة مثل البطاطا او القطن او التبغ لذا فنحن نزرع القنب" الذي تستخرج منه حشيشة الكيف. تصل ارباح زعيتر عندما يكون المحصول جيدا الى مليون ونصف مليون دولار تقريبا. وهو يساعد اهل قريته البالغ عددهم نحو 200 نسمة ويقيمون في منازل لا تتوافر في بعضها المياه او الكهرباء. ويقول "اعتني بهم. اؤمن لهم الخبز والمياه بما ان الدولة عاجزة عن القيام بذلك". ويضيف "صحيح انني شخص مطلوب" للعدالة واصفا من يلاحقونه ب "مجموعة لصوص". ويقول "انا اشرف منهم جميعهم". ويضيف "عندما تقوم دولة صحيحة ونظام قضائي مستقل ساكون اول من يسلم نفسه للعدالة". محمد شماس مزارع من الكنيسة يصف زعيتر بانه "شخص كريم" ويؤكد ان موقف السلطة منه "غير منصف". ويقول "يتهمونه بكل امر سيء يقع في المنطقة ولكن لولاه لما تمكن البعض من البقاء احياء". وشكل البقاع لفترة طويلة ارضا خصبة لزراعة المخدرات. وازدهرت هذه التجارة خلال الحرب الاهلية (1975-1990) حين كانت سوريا تسيطر على لبنان مع مداخيل تصل الى ملايين الدولارات. وبعد عام 1990 تراجعت هذه الزراعة في اطار الضغوط الدولية التي بذلت للقضاء عليها الممنوعات ثم استعادت بعض نشاطها في العامين الماضيين بسبب حالة عدم الاستقرار الامني والسياسي. ويعزو المقدم عادل مشموشي رئيس مكتب مكافحة المخدرات ذلك الى "الوضع السياسي المهترئ" ويقول "في السنتين الماضيتين ازداد الانتاج بشكل ملحوظ بسبب الاوضاع". ويقدر مشموشي مساحة الاراضي التي زرعت هذا العام بالقنب والخشخاش بحوالى 3500 هكتار مربع (حوالى 35 كلم مربع).. يتراوح سعر الكيلوغرام من حشيشة الكيف بين 300 و400 دولار فيما يتراوح سعر كيلوغرام الهيرويين بين 9 و10 الاف دولار. ويصدر الانتاج الى الخارج او يصرف في السوق المحلية. ويقول مشموشي "لا يمكننا القيام بشيء. قانون العشائر هو السائد في منطقة البقاع والاوضاع السياسية غير مستقرة. لا يمكننا تعريض عناصرنا لخطر". ويضيف "امثال زعيتر يعتقدون بانهم فوق القانون. سياتي يوم يقبعون فيه وراء القضبان يوما ما سنتمكن من ملاحقتهم". ويتطلب سرد التهم في حق زعيتر صفحات طوية ومنها تجارة المخدرات وتهريبها سرقة السيارات الارهاب تجارة السلاح ترويج عملات مزورة خطف وحجز حرية... كذلك هو مطلوب من الانتربول. ويقول زعيتر الذي كان يحلم بان يصبح ضابطا في الجيش "لا تسألوني كيف لم ينجحوا في القبض علي حتى الان اسألوني لماذ لم الق انا القبض عليهم". ويضيف بسخرية "التجارة بحشيشة الكيف جريمة لكن بيع الدولة وقتل المواطنين وابقاءهم جياعا ليس جريمة في هذه الحال سابقى بكل فخر أكبر المجرمين". (أ ف ب)