دأب الرئيس الامريكي جورج بوش على القول إن المتشددين في العالم الاسلامي الذين ينفذون هجمات انتحارية تحركهم دوافع الكراهية للحرية والديمقراطية بيد أن استطلاعا جديدا للرأي أوحي بان العكس تماما كان هو الحقيقي. فقد أعرب 7% فقط من المسلمين عن صفحهم عن الهجمات الارهابية لكن أيا من «المتشددين سياسيا« لم يقدم مبررا دينيا لمعتقداتهم بل أعربوا عن مخاوفهم من أن الغرب والولاياتالمتحدة إنما يسعون لاحتلال العالم الاسلامي والسيطرة عليه. وغالبية هؤلاء يعتنقون بالفعل معتقدات ديمقراطية لكنهم يتشككون في حكوماتهم وفي نية الولاياتالمتحدة المعلنة في نشر الديمقراطية في العالم الاسلامي. هذه هي بعض الرسائل الرئيسية التي صدرت عن مؤلفي كتاب جديد هو من يتكلم عن الإسلام؟ ما الذي يفكر فيه حقا مليار مسلم؟ والذي يستعرض نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد جالوب وشمل نحو 50 ألف مسلم في أكثر من 35 بلدا إسلاميا. تقول داليا مجاهد المدير التنفيذي لمركز جالوب للدراسات الاسلامية: السياسة وليست التقوى هي التي تميز المعتدلين عن المتشددين «في العالم الاسلامي. المتعاطفون مع الارهاب لا يكرهون حريتنا بل يرغبون فيها«. يقول جون إل ايسبوسيتو أستاذ الشئون الدولية والدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون الذي شارك في تأليف الكتاب مع داليا مجاهد أن العديد من نتائج الاستطلاع تتناقض مع «الحكمة التقليدية« للسياسيين والمعلقين الإعلاميين والرأي العام الأمريكي عن آراء المسلمين في الغرب ودور الدين وقيمة الديمقراطية. وأضاف ايسبوسيتو قائلا «ما نحن بصدده هو القدرة على أن نتجاوز جدال الخبراء «وأن ندع« الاحصاءات والبيانات ونتائج الاستطلاعات تقود المعالجة والحديث«. وأردف المطلوب هو الانقلاب على الاسلوب الذي تتواصل به الولاياتالمتحدة مع الشعوب فى العالم الاسلامي. وانتقد اسبوسيتو الاسلوب الحالي بوصفه «دبلوماسية عامة تعرف بالعلاقات العامة«. وأشارت نتائج استطلاع جالوب إلى أن غالبية الامريكيين - من سياسيين ومواطنين عاديين - اقترحوا تطوير التعليم وزيادة التبادلات كوسائل لتحسين العلاقات بين الغرب والدول الاسلامية. أما ما فشل الامريكيون في الإقرار به - على حد قول ايسبوسيتو فهو أن المسلمين يتطلعون بنفس الدرجة إلى تغييرات في السياسة الخارجية الامريكية تشمل ما بات المسلمون يؤمنون بشدة انه «معايير مزدوجة« في دعم الديمقراطية حول العالم. وصرح ايسبوسيتو للصحفيين قائلا «على المرء أيضا مواجهة حقيقة أن السياسة هي القضية حقا. وان المظالم السياسية هي الدافع الحقيقي« للتشدد. وبعبارة أخرى فان المعتقدات الدينية لم تكن هي التي دفعت بعض المسلمين للاعتقاد بان هجمات 11 سبتمبر ضد نيويورك وواشنطن كانت مبررة. وقالت داليا مجاهد «ما من احد قدم تبريرا دينيا« للهجمات بل أعرب المتشددون عن مخاوف من أن الولاياتالمتحدة تسعى لاحتلال العالم الإسلامي. وقد كان هؤلاء حقا الذين أدانوا الهجمات بل وجاءوا بأدلة شرعية من القران الكريم تثبت عدم مشروعيتها. لكن في حين أن الدين لم يكن هو الدافع بالنسبة الى هؤلاء الذين أيدوا الهجمات - كما يقول ايسبوسيتو- فان المتطرفين «أطروا« بوضوح حجتهم في إطار الجهاد في مسعى لاجتذاب المسلمين الملتزمين إلى قضيتهم. وقال «إن الخوف الأكبر يكمن في استخدام الدين في شحن الجماهير«. وانطلقت أراء الغالبية العظمي ممن شاركوا في الاستطلاع من اعتقادها بان الغرب يكرهها بأكثر من الكراهية للغرب. وقال 17 % فقط إن الغرب «يحترم« الإسلام. وقالت داليا مجاهد إن المسلمين أعربوا في استطلاعات الرأي «المرة بعد المرة« عن اعتقادهم بان الناس في الغرب تنظر إلى المسلمين نظرة «دونية« وقالت أغلبية واسعة إن حدوث تغير في الآراء السلبية تجاه الاسلام هو أفضل طريق لتحسين العلاقات. وفي الواقع فقد أشار المسلمون بقوة إلى التقدم التكنولوجي والقيم الديمقراطية الليبرالية بوصفهما الشيئين الاشد اثارة للاعجاب فيما يتعلق بالولاياتالمتحدة ومع ذلك فقد أعرب اقل من 50 % عن اعتقادهم بان الولاياتالمتحدة جادة بشان تحقيق الديمقراطية في الدول الاسلامية. وقالت أغلبية واسعة عبر الدول الاسلامية- 94 % في مصر و 93 % في إيران - إنهم يؤيدون وجود دساتير في بلادهم توفر نصوصها قدرا اكبر من حرية التعبير وحرية الصحافة كما قالت أغلبية أيضا انه لا يتعين مشاركة شخصيات دينية في صياغة هذه الدساتير. بل إن 50% ممن يدعون بالمتشددين قالوا إن الديمقراطية يمكن إن تدفع بالتقدم قدما في الدول الاسلامية. وفي المقابل أيضا فان أكثر من 90 % من المسلمين قالوا إن الدين يلعب دورا محوريا في حياتهم كما قالت أغلبية واسعة أن القيم الاسلامية وقوانين الشريعة الاسلامية يتعين أن تكون جزء أو كل قوانين الدولة.