لا شيء مستحيل أمام الشيخ حمد آل ثاني الذي نجح في جعل إمارته الصغيره وسيط لا يمكن الالتفاف عليه في الشرق الأوسط. هو صديق للإسرائيليين والفلسطينيين في آن واحد وصديق أيضا لأمريكا وإيران، فهو يسعى للتوفيق بين غير المتوافق. صانع للسلام في لبنان ومفاوض سخي في أزمة الممرضات البلغاريات اللائي كن محتجزات في ليبيا، لكنه وسيط حذر في الأزمة القائمة بين الغرب وإيران. لقد بات أمير قطر ذا حضور في كثير من المحافل الدولية والإقليمية، فقد طالع المشاهدين بقامته المهيبة وجلبابه الأبيض خلال قمة الاتحاد من أجل المتوسط الأخيرة في باريس. ولكن ما الذي يدفع أمير قطر إلى كل هذا النشاط الدبلوماسي. يحكي واحد من أصدقاءه الفرنسيين أن وراء ذلك واقعة قديمة سببت له خيبة أمل. فعندما كان يسافر إلى أوروبا كان موظفو الجمارك بالمطارات يقلبون جواز سفره يمينا ويسارا ثم يسألونه: أين توجد دولة قطر؟ فقرر هذه الشاب حديث التخرج العائد إلى وطنه بعد حصوله على دبلومة أكاديمية ساند هرست العسكرية، أن يضع إمارته الصغيرة على خارطة العالم. يقول أحد الدبلوماسيين الفرنسيين إن أمير قطر لا يتمتع بالذكاء الباهر لكن بقدر من الدهاء.فعندما أراد أن يمرر في البرلمان قانونا يمنح حق التصويت للمرأة، رغم معارضة شريحة كبيرة من القطريين، طلب من الشيخ يوسف القرضاوي أن يذهب إلى المساجد ليدعو إلى حق المرأة في التصويت،. إن من أقنع جزئيا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمصالحة مع سوريا هم المسؤولون القطرين. فعند الأزمات تجنح الدبلوماسية القطرية إلى المصالحة، وقد حالفها النجاح خلال الأزمة اللبنانية الأخيرة عندما نظمت في الدوحة اجتماعا للفرقاء اللبنانيين لإخراج لبنان من أزمة استمرت عامين.واستحقت الدوحة بعد هذا الإنجاز أن يعهد إليها بمهمة للمساعي الحميدة في دارفور. قناة الجزيرة الإخبارية هي أداة الدبلوماسية القطرية، فقد تخطت الجزيرة كل توقعات أمير قطر في تعريف العالم بإمارته. يقول أحد الدبلوماسيين العرب إن قناة الجزيرة أثارت حفيظة العديد من الدول بإعطاءها دروسا في الديمقراطية ولكن لا تقول شيئا عن قطر التي لا وجود حتى للبرلمان بها.ويرى دبلوماسي أوروبي أن الأمير يفرض مسيرة الديمقراطية على شعبه الذي يصر على البقاء محافظا. لقد شارك أمير قطر في بداية سبتمبر الحالي في قمة جمعته مع المسؤولين من سوريا وفرنسا وتركيا، كأن محورا جديدا قد تشكل محل المحور القديم الذي تزعمته مصر والسعودية ليدفع مسيرة السلام في الشرق الأوسط. إنه حلم آخر للأمير ، لكن لاشيء مستحيل في قطر.