أصبحت الكوفية ذات اللونين الأبيض والأسود التي أصبحت رمزا عالميا للنضال الفلسطيني عندما ارتداها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أول مرة في الستينيات ظاهرة عالمية تبتعد شيئا فشيئا عن النضال والأرض التي ولدت عليها. وأصبحت الكوفية اللباس التقليدي للنشطاء المناهضين للحرب في أنحاء العالم وإكسسوارا أنيقا لمحبي الموضة الذين يستخدمونها شالا يقيهم شر البرد في الأحوال الجوية السيئة. وبالنسبة لياسر الحرباوي الذي يملك مصنعا للإنتاج الكوفيات في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية فإن الطلب المتزايد على الكوفية خلق منافسة من الشركات الصينية التي أصبحت تسيطر على السوق المحلية. وقال الحرباوي وسط ضجيح المناول داخل المخزن المعتم الذي هجرت معظم أجزاؤه قبل أن يبدأ الاستيراد من الصين كان لدينا 15 آلة تعمل 20 ساعة في اليوم، أما الآن فليس لدينا سوى أربع آلات ولانعمل سوى ثماني ساعات". وعندما افتتح الحرباوي (75 عاما) مصنعه في عام 1961 لم تكن الكوفية في ذلك الوقت رمزا سياسيا ولكن جزءا عاديا من الزي التقليدي. وأضاف وهو يضبط الكوفية على رأسه أن الكوفية "هي جزء من لباسنا التقليدي ولاتراها كثيرا في الصيف الآن ولكن في الشتاء الجميع يرتدونها لأنها تبعد البرد". ولكن ومنذ صعود نجم الصين غرقت الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل مثل العديد من دول العالم في فيضان البضائع الصينية. وفي أعقاب الضجة العالمية عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 استفاد المنتجون الأجانب من تزايد الطلب على الكوفية في حين لم يستفد منها تجار مثل الحرباوي حيث إنهم لايستطيعون تصدير منتجاتهم. ويقول الحرباوي "اليوم يفضل الزبائن خاصة الأجانب البضائع المستوردة الله اعلم لماذا؟ فيجب أن يشتروا منا ويدعموا الصناعة المحلية". ولم يكن الحرباوي الذي يبيع الكوفية بمبلغ خمسة دولارت يعرف أن شركة "آربان أوتفيترز" الأمريكية كانت تبيع الكوفية بأربعة أضعاف هذا المبلغ وذلك حتى عام 2007. وقد سوقت تلك الشركة الكوفيات على أنها "شالات لمناهضة الحرب" حتى أجبرت على سحب منتجها وإصدار اعتذار عام بعد شكاوى من الموالين لإسرائيل. ودار جدل في مايو/ايار من هذا العام بسبب إعلان ظهرت فيه المذيعة التلفزيونية الأمريكية ريتشيل راي وهي ترتدي كوفية تشبه الكوفية الفلسطينية في إعلان لشركة "دنكن دونت". وانتقد الكاتب ميشيل مالكين الأمريكي اليميني الإعلان واتهمه أنه يروج ل"موضة الجهاد" و "موضة الكراهية" وتجاهله "الرمزية العنيفة للمعاني المعادية لإسرائيل". وقال جمال مرقة (47 عاما) "نحن نبيع المنتجات المحلية ونشتري من الحرباوي لأنه ينتج كافة الألوان والأجانب يحبونها". ويقول "إنها رمز لفلسطين ورئيسها عرفات ولكن ليس للإرهاب، الإسرائيليون قدموا إلى هنا وسببوا لنا المشاكل وكل ما نفعله هو الدفاع عن حقوقنا". وأشار بيده إلى المستوطنات التي تقع فوق متجره. وقد تخلى الشباب الفلسطيني وحتى الناشطين سياسيا منهم عن الكوفية لصالح مظهر أكثر حداثة. وعلى الجهة الأخرى من الشارع يجلس محمد مقرفصا أمام دكانه وعلى رأسه المتعب الكوفية الفلسطينية. وقال "عمري الآن 90 عاما وأرتدي الكوفية طوال حياتي لقد أصبحت جزءا من رأسي". (ا ف ب)