افتتحت الصين العصرية دورة الالعاب الاولمبية الجمعة باطلاق دفعات من الالعاب النارية في حفل رائع أعاد التذكير بتاريخ الصين القديم ليكتب كلمة النهاية لجدل سياسي دام شهورا. وتولى جيش من قارعي الطبول قوامه 2008 فرد القيام بالعد التنازلي لافتتاح الدورة الاولمبية التي تعد دليلا على نهضة الصين من العزلة والفقر وتحولها الى قوة اقتصادية لكنها جلبت كذلك انتقادات بسبب سجل الحكومة الشيوعية في مجال حقوق الانسان. وانضم نحو 80 من قادة العالم بينهم الرئيس الامريكي جورج بوش الى 91 ألف متفرج متحمسين في الاستاد الساحر المسمى بعش الطائر لحضور العرض الافتتاحي مع توقعات بوصول عدد المشاهدين على شاشات التلفزيون الى مليار مشاهد. وأطلقت الالعاب النارية في محيط الاستاد ثم أطفئت الانوار لتظهر غابة من العصي باللون الاحمر في أيدي قارعي الطبول مضيئة في جو صيفي رطب. وردد قارعو الطبول قبل انطلاق سلسلة من الالعاب النارية الهائلة في الهواء مضيئة قلب العاصمة الصينية وعابرة ميدان تيانانمين عبارة "حضر الاصدقاء من بعيد كم نحن سعداء." وتوج الحفل سبع سنوات من العمل الذي أعاد رسم خريطة بكين ودشن طفرة صناعية عززت وضع الصين في العالم. وقال الرئيس الصيني هو جين تاو خلال غداء سبق حفل الافتتاح "تحل اللحظة التاريخية التي طال انتظارنا لها. لم يكن العالم يوما بحاجة لتفاهم مشترك وتسامح مشترك وتعاون مشترك اكثر مما يحتاجه اليوم." لكن الاضواء الاولمبية تسلطت كذلك على الاضطرابات الحادة التي تعاني منها أمة المليار و300 مليون نسمة لتظهر القلاقل في اقليم التبت الى الواجهة وتبين أن القيادة الشيوعية للصين ليست مستعدة بعد لتحمل أي اختلافات داخلية. وتكلفت الالعاب 43 مليار دولار لتحطم الرقم القياسي السابق الذي سجلته دورة اثينا في 2004 التي كلفت 15 مليارا لكن اولمبياد بكين تسببت كذلك في طرد الاف الاشخاص من مساكنهم لافساح المجال لبناء الاستادات الحديثة. وينتظر أن يعلن جاك روج رئيس اللجنة الاولمبية الدولية افتتاح الدورة رسميا الساعة 11 مساء. وتستمر المنافسات حتى 24 اغسطس اب الجاري بمشاركة 10500 رياضي من 204 بلدان -وهو رقم قياسي- يتنافسون على 302 ميدالية ذهبية في 28 لعبة. ويتوقع الصينيون من رياضييهم تأكيد مكانة بلدهم القوية من خلال تصدر جدول الميداليات لاول مرة. واستعان المنظمون بنحو 14 ألف فرد و29 ألف قذيفة من الالعاب النارية لعرض الافتتاح يوم الجمعة الذي يقدم مخرجه السينمائي الشهير تشانج ييمو الذي منعت أعماله في يوم من الايام من العرض في الصين رؤية سينمائية لخمسة الاف عام من التاريخ الصيني. وتولت قوة من الشرطة قوامها مئة ألف شخص مهمة توفير الامن ومنع الهجمات والاحتجاجات المعارضة في وقت أبعد فيه المعارضون عن الانظار. لكن النشطاء الاجانب أظهروا في وقت سابق تحديا للمدينة المضيفة على الهواء مباشرة من خلال قرصنة اذاعية والدعوة لتحرير السجناء السياسيين والغاء الرقابة. ورغم أن بوش أعلن أنه حضر لغرض الرياضة وليس السياسة فانه كرر يوم الجمعة قوله "نعتقد أنه ينبغي أن تتمتع جميع الشعوب بحرية التعبير عن أفكارها ومعتقداتها الدينية." وبعث بان جي مون الامين العام للامم المتحدة رسالة بالفيديو لحفل الافتتاح دعا خلالها الدول المتحاربة لاتباع تقليد بالدخول في هدنة أثناء الالعاب. وقال "أدعو جميع الضالعين في صراعات لاحترامه (تقليد الهدنة)." ولسوء حظ الفكرة الاولمبية التي تقوم على التناغم العالمي فشلت الكوريتان في الاتفاق على سير وفديهما معا كفريق موحد في حفل الافتتاح رغم أنهما سبق وفعلتا هذا الشيء في اولمبيادي 2000 و2004. وسيقود ياو مينج لاعب كرة السلة المحترف بالدوري الامريكي وأشهر رياضي صيني وفد بلاده في حفل الافتتاح. واختار الرياضيون الامريكيون اللاجئ السوداني السابق لوبيز لومونج لحمل العلم الامريكي في المضمار. وكان لومونج ضحية للصراعات في اقليم دارفور وفر وعمره ست سنوات وقضى عشر سنوات في مخيم للاجئين قبل استقراره في الولاياتالمتحدة. والصين مستثمر ضخم في قطاع النفط بالسودان وانسحب المخرج السينمائي الامريكي ستيفن سبيلبرج في وقت سابق هذا العام من عمله كمستشار لحفل الافتتاح احتجاجا على علاقة الصين بهذا البلد الافريقي. وستقام المنافسات في بكين لكنها ستمتد أيضا لمسافة ألفي كيلومتر حيث ستقام منافسات الفروسية في هونج كونج بينما ستتوزع منافسات كرة القدم على أنحاء البلاد وستقام منافسات اليخوت في شينجداو. وستنطلق المنافسات الرياضية بالقوة القصوى يوم السبت مع بدء 18 لعبة بينها السباحة والجمباز وستحسم سبع ميداليات ذهبية. وبين الرياضيين الذين سيشاركون مبكرا في المنافسات السباح الامريكي مايكل فيلبس الذي قد يصبح أول رياضي في العالم يحصد ثماني ميداليات ذهبية في دورة اولمبية واحدة ليكون أكثر الرياضيين حصولا على الميداليات الاولمبية على الاطلاق. ويتوقع أن تحتشد جماهير غفيرة لتشجيع الرياضيين بعدما بيعت سبعة ملايين تذكرة وهو ما يضمن حضورا جماهيريا حاشدا على عكس ما كان عليه الوضع في اثينا حين لعب معظم الرياضيين أمام مدرجات خاوية. لكن وكما حدث في 2004 شهدت الفترة التي سبقت اولمبياد بكين فضائح منشطات، وسقط عدد من الرياضيين في اختبارات للكشف عن المنشطات خلال الاسابيع التي سبقت الدورة ووعد المسؤولون باجراء 4500 اختبار خلال الدورة.