الاجيال القادمة ستعيش حتى سن التسعين.. وستكون في صحة جيدة نسبيا. هذا ما توصل اليه المستكشف دان بوتنر وفريق من الباحثين من خلال دراسة اجروها على اربع مناطق تعيش فيها مجموعات صغيرة من الناس حياة صحية مثالية ولفترات طويلة. وتشير عبارة «المنطقة الزرقاء» الى منطقة ذات مركز واحد حددها بوتنر وفريقه على خريطة العالم بالحبر الازرق لتوضيح تلك المناطق التي تتميز بطول العمر، بينها منطقة بارباغيا في سردينيا (ايطاليا) واوكيناوا في اليابان وطائفة دينية تعيش في مدينة لوماليندا في ولاية كاليفورنيا وشبه جزيرة نيكولا في كوستاريكا. ويعطي بوتنر امثلة كيف ان سيلا من الدراسات تنصح، على سبيل المثال، بتناول النشويات تدحضها دراسات تحذر من مساوئ النشويات. ويضيف «الدروس التي تقدمها لنا المنطقة الزرقاء بخصوص اسلوب الحياة واضحة وثابتة». لم يكن بوتنر اول من تنقل في الكرة الارضية بحثا عن منبع «اكسير الشباب». ففي سبعينات القرن الماضي نشرت «ناشيونال جيوغرافيك» مقالا حدد مناطق في الاكوادور وباكستان يعيش فيها سكان صنفوا آنذاك بانهم «الاطول عمرا»، ليتضح بعد ذلك ان هؤلاء السكان «كذبوا» بشأن اعمارهم، لكن بوتنر وفريقه استطاعوا هذه المرة التأكد من سجلات السكان (عينة الدراسة). كما ان معظم الامور التي توصل اليها بوتنر تجد ما يدعمها من خلال البحوث الطبية. ففي سردينيا، مثلا، امضى بوتنر وقتا مع اشخاص في سن المائة، وتبين له ان النشاط البدني لطالما كان ولا يزال جزءا لا يتجزأ من برنامجهم اليومي (السير لمسافات طويلة، العمل في الارض او رعاية بعض الحيوانات). وكانت دراسة مشابهة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي (مارس الماضي) اثبتت ان ممارسة تمارين الايروبيكس تؤخر الشيخوخة 12 سنة. وفي اوكيناوا التقى بوتنر امرأة، تعدت سن السبعين، كانت تردد عبارة «حهارا هييش بو» قبل تناول الطعام، لتتذكر ان تتناول 80% فقط من الوجبة الموجودة في طبقها. وهذا ما يواظب العلماء على اثباته بان: التقليل من الطعام يقلل من الامراض وبالتالي يطيل العمر (خفض السعرات الحرارية). وفي دراسة نشرت عام 2006 في مجلة الكلية الاميركية لامراض القلب، اتضح ان قلب من يتبع حميَة تعتمد على انخفاض السعرات الحرارية، او النظام الغذائي لمنطقة البحر الابيض المتوسط، يشبه قلب من يصغرونهم سنا. وقارن الباحثون بين 25 شخصا يستهلكون ما بين 1400 و 2000 من السعرات الحرارية في اليوم، ولمدة ست سنوات ومجموعة اخرى مكونة ايضا من 25 شخصا تتناول الوجبات الغربية العادية وبسعرات حرارية تتراوح بين الفين وثلاثة آلاف سعرة حرارية في اليوم، وتوصلت الدراسة الى ان النظام الغذائي لمنطقة البحر الابيض المتوسط يؤخر عملية الشيخوخة ويطيل العمر. وبعيدا عن الغذاء، توصل باحثون من خلال دراسة اجروها عام 1999 الى ان من يرتاد دور العبادة مرة او اكثر في الاسبوع قد يعيش سبع سنوات اطول من غيره. بالطبع، ان تبني جميع تلك العادات ولفترة طويلة ليس بالامر السهل كما يبدو، خصوصا اذا وضعنا في الاعتبار ثقافة الوجبات السريعة، وكميات الطعام التي تقدم لنا، وحقيقة ان معظمنا يقضي يومه جالسا في مكتبه بدلا من العمل في الحقل.