يبدو أن القيادة العسكرية الأمريكية في العراق تميل الى تجميد سحب القوات الأمريكية اعتبارا من هذا الصيف فيما تبقى المكاسب على الصعيد الامني هشة، وذلك في خيار نال موافقة ضمنية من الرئيس الأمريكي جورج بوش. في أوج هذه السنة الانتخابية، فإن احتمال إبطاء خفض عدد الجنود في العراق سيؤدي الى تأجيج الهجمات الكلامية للمرشحين الديموقراطيين الذين يؤيدون انهاء سريعا للحرب التي استمرت خمس سنوات والتي لا تزال تشكل مصدر قلق كبير للأمريكيين. وسيقدم قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس توصياته في أبريل في ما يتعلق باحتمال مواصلة سحب القوات. وكانت واشنطن قررت استدعاء حوالى 30 الف جندي بحلول الصيف كانوا ارسلوا لتعزيز التواجد الأمريكي في مطلع 2007، ليصبح عدد الجنود في العراق حوالى 130 الفا. لكن الجنرال بترايوس يبدو ميالا للمطالبة بمهلة تفكير قبل ان يتخذ قرارا حول تخفيضات جديدة للتأكد من أن المكاسب التي تحققت في العراق على صعيد الامن لن تكون مهددة من جراء خفض عدد القوات. وقال لشبكة "سي ان ان" الامريكية "سنكون بحاجة لبعض الوقت لمعرفة كيف ستجري الامور، عندما ننهي سحب ما يمثل ربع قواتنا المحاربة". واضاف "نعتقد انه سيكون من الفطنة اعطاء انفسنا فترة تقييم، ثم اتخاذ القرارات واخيرا القيام بعمليات انسحاب اضافية اذا اتاحت الظروف ذلك". وكان نائب قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال رايموند اودييرنو اعلن خلال يناير "ما لا نريده هو سحب عدد كبير من القوات الأمريكية بسرعة ونقل السلطة فجأة الى القوات العراقية" التي لا تزال غير مجهزة لذلك بشكل كاف. وفي البنتاغون، الاراء منقسمة. فوزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس يقول انه يأمل في مواصلة سحب القوات في النصف الثاني من السنة "اذا سمحت الظروف بذلك". اما رئيس هيئة اركان جيوش البر جورج كايسي فيدعو الى تخفيف الثقل عن كاهل القوات المسلحة التي تشهد تعبئة قوية من جراء حربي العراق وافغانستان. لكن الرئيس الامريكي جورج بوش المح الى انه سيأخذ برأي الجنرال بترايوس اذا اوصى بتجميد سحب القوات رغم التراجع المستمر للتاييد الشعبي للحرب. وقال مسؤول كبير في الادارة الاميركية لوكالة فرانس برس ان الهاجس الرئيسي لدى الرئيس بوش هو تجنب "عودة" اعمال العنف، ملمحا الى انه لن يجازف بتعريض المكاسب التي تحققت للخطر مع انتهاء رئاسته. وفي خطابه حول حال الاتحاد الأخير، اشاد الرئيس الامريكي بالتقدم في العراق محذرا في الوقت نفسه من ان "أي انسحاب إضافي للجنود الأمريكيين سيكون رهن الظروف الميدانية". وقال بوش محذرا "لقد وجهنا ضربات قاسية لأعدائنا في العراق. لم يهزموا بعد وعلينا ان نتوقع قتالا ضاريا مقبلا" في وقت تخوض فيه القوات الأمريكية حملة عسكرية حاسمة في الشمال ضد القاعدة. وكان اعلن في منتصف يناير في الكويت انه اذا اعتبر بترايوس أنه يجب إبطاء الوتيرة "فليس هناك مشكلة بالنسبة لي اذا كان ذلك من اجل ضمان النجاح". وبدأ الديموقراطيون بشن هجمات رغم انه لم يتم اتخاذ اي قرار بعد. وقالت رئيسة مجلس النواب الامريكي نانسي بيلوسي الخميس ان "وقف الخفض المتواضع للقوات الأمريكية في العراق يظهر اصرار الرئيس على مواصلة حرب بدون نهاية وسيضعف بشكل اضافي قدراتنا العسكرية".