لايمكن وصف تشكيل ما اصطلح على تسميته ب «لجنة الظواهر السلبية» الا انه خطوة وخطوة متقدمة في اطار الزحف الايديولوجي لابتلاع الحريات في الكويت. مؤسسات المجتمع المدني وشخصيات سياسية فاعلة رفضت استمرار عمل هذه اللجنة الدخيلة على المجتمع الكويتي، مطالبة النواب بضرورة التحرك على الغاء اللجنة واحالتها الى المحكمة الدستورية ان استدعى الامر. واكد عدد من ممثلي جمعيات النفع العام في حديثهم ل «القبس» ان هذه اللجنة تعد بمنزلة البديل عن هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تم وأدها في المجلس الاول بعد التحرير. واعتبروا ان هذه اللجنة تتناقض مع الدستور لأن ليس من مهمة البرلمان القيام بدور الرقيب على حريات الناس، مؤكدة ان السكوت عنها هو بمنزلة انتهاك لخصوصياتنا والمزيد من التضييق على حرياتنا. واكدوا ان المطلوب من النواب هو الوقوف مع الحريات العامة والشخصية التي كفلها الدستور. وتساءلوا الى اين ستصل بنا الامور؟ وهل سنصل الى مرحلة جديدة من التقييد على الحريات؟ في حين اكد النائب السلفي خالد سلطان العيسى المؤيد لهذه اللجنة، انها ليست جديدة في لجان المجلس وانما هي موجودة من المجلس السابق، قائلا ان هذه اللجنة لا تدخل بيوت الناس او تلاحقهم. وايده الرأي عضو الامانة العامة في الحركة الدستورية النائب السابق مبارك الدويلة الذي قال ان اللجنة تختص بمحاربة الظواهر السلبية محل الاتفاق من قبل المجتمع الكويتي ومنها المخدرات والجنس الثالث وبيوت الدعارة والخمور والاستهتار والرعونة في المركبات، فضلا عن اهمال الوالدين بعد كبر السن. من جانبه اكد الخبير الدستوري د. محمد الفيلي اننا امام استخدام غير منهجي وسياسي للادوات البرلمانية، لافتا الى ان الخطورة في هذا الامر تكمن في ان هناك كتلا برلمانية تسيطر داخل المجلس على ادوات العمل البرلماني بغرض تحقيق اهداف ايديولوجية باسم كامل المجتمع الكويتي. واعتبر الفيلي ان هناك مجموعة من الميليشيات التي تعتقد انها تمتلك بقوة الحقيقة، وتريد ان تحمل الناس على هذه الحقيقة بقوة العصا للسيطرة على المجتمع. «الخريجين»: ستنتهك خصوصياتنا لو سكتنا الآن طالب نائب رئيس جمعية الخريجين الدكتور بدر الديحاني النواب الذين اعترضوا على تشكيل لجنة دراسة الظواهر السلبية بعدم الاكتفاء بتسجيل موقفهم ضد انشاء تلك اللجنة، وايصال ذلك الموضوع الى المحكمة الدستورية لو استلزم الامر. وانتقد الديحاني ل «القبس» انشاء لجنة غير دستورية مهمتها التدخل في خصوصيات الناس، في حين ان المطلوب من نواب مجلس الامة الوقوف مع الحريات العامة والحرية الشخصية التي كفلها الدستور، كما استنكر الديحاني اسلوب التدخل الذي مارسه كل من وزيري الصحة والتجارة حول حفل خاص ما كان يجب كشفه بهذه الطريقة او بأي طريقة اخرى لان ذلك فيه انتهاك لحرمة الناس. وختم الديحاني حديثه بالتأكيد على ان نتائج السكوت وتجاهل مثل هذه التحركات وخيمة على الحرية الخاصة للافراد وسيأتي اليوم الذي تنتهك فيه خصوصياتنا لعزوفنا عن الدفاع عنها في الوقت الحالي فالى اين سنصل؟ وما حدود وصلاحيات مثل هذه اللجان البرلمانية؟ دشتي: تنذر ببداية انهيار الدولة المدنية وتبني نظام طالبان أكدت رئيسة الجمعية الاقتصادية د. رولا دشتي ان المجتمع الكويتي جبل على الانفتاح على العالم مع حفاظه على هويته الاصلية واحترامه للدستور الذي يعتبر المرجعية الاساسية لحماية حقوق المواطنين وتعزيز مقومات الدولة. وتابعت دشتي في تصريح ل «القبس»: «الا انه مع الأسف ما بدأنا نراه من بعض اعضاء مجلس الامة المنتخبين لوضع لجنة لتستبد في صلاحياتها وتقيد الحريات وتشكك في الاخلاقيات وتكرس التفرقة بين افراد المجتمع، وتتسلط على مقدراتنا، لهو امر ينذر ببداية انهيار الدولة المدنية وتبني نظام الدولة على النسق الطالباني». واستطردت قائلة «ان ثقة الناخبين بهؤلاء الاعضاء على اساس المساهمة والدفع بعملية التنمية والتصدي لقضايا الفساد وتعزيز دور الطبقة الوسطى والاستثمار بالشباب والارتقاء بالخدمات الصحية وتطوير التعليم لمواكبة التحديات، وليس من اجل الانزلاق الى ما يخرق الدستور ويعزز الاحباط لدى المواطنين في العملية الديموقراطية». وشددت دشتي على ان مجلس الامة بغالبية اعضائه امام مسؤولية وطنية لمواجهة الاقلية لمنعهم من الانفراد بزمام الامور والزج بالمجلس الى نفق مظلم بما ينحرف به بعيدا عن تطلعات المجتمع للنهوض بالكويت وتحقيق مستقبل واعد لابنائه. «معك»: بديل عن هيئة النهي عن المنكر اعلن الامين العام لمظلة العمل الكويتي (معك) انور الرشيد عن رفضه لانشاء ما يسمى بلجنة دراسة الظواهر السلبية في مجلس الامة، التي رأى انها محاولة جديدة للضغط والتضييق على الحريات الشخصية للمواطنين والمقيمين والتدخل في حياتهم الخاصة. واكد الرشيد ل «القبس» ان تأسيس هذه اللجنة يأتي كبديل عن هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تم وأدها في المجلس الاول بعد التحرير، وقال: ان مثل هذه اللجان يتناقض مع الدستور، كما ان البرلمان ليس من مهامه الملحة القيام بمثل هذا الدور على حساب القضايا التنموية المهمة والمعلقة منذ زمن. التحالف الوطني الديموقراطي: تعدٍّ على السلطة التنفيذية وفرض وصاية على المجتمع اعتبر الامين العام للتحالف الوطني الديموقراطي بالانابة سعود راشد العنزي ان وجود لجنة لمعالجة الظواهر السلبية في مجلس الامة غير مبرر لأن هناك العديد من الظواهر السلبية التي تعالجها قوانين قائمة واجهزة ومؤسسات مختصة، واضاف ل «القبس»: ربما كان هناك مفهوم خاص للظواهر السلبية في ذهن من انشأ هذه اللجنة علما بأن ما قد يكون سلبيا في نظر زيد، ليس سلبيا في نظر عمر. ورأى العنزي ان انشاء لجنة الظواهر محاولة نجحت مع الاسف بعد عدة محاولات فاشلة لتشكيل لجان وهيئات تراقب الناس والمجتمع، علما بأن هذه اللجنة تعد تعديا صارخا على اعمال «التنفيذية» ولا يحق لها ولا لمجلس الامة التفتيش او المراقبة او حتى التنبيه، والسكوت على وجودها سيؤدي الى فرض الوصاية والفهم الخاص للبعض للدين على المجتمع. واشار العنزي الى ان مفهوم العادات والتقاليد مفهوم فضفاض والناس غير متفقين على مفهوم واحد حوله، وخذ تقاليد الزواج على سبيل المثال في بلد صغير مثل الكويت ستجد ان هناك الكثير من الاختلاف باختلاف مكونات الشعب الكويتي، ولكن البعض يريد وضع تفسير واحد متزمت للنصوص الدينية، كي يفرض وصايته واسلوب حياته على مجتمع الكويت المسلم والمحافظ والمنفتح في غالبيته. السلف: اللجنة لا تدخل بيوت الناس أو تلاحقهم اكد النائب السلفي خالد السلطان العيسى ان لجنة دراسة الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع الكويتي موجودة منذ المجلس السابق وهي ليست جديدة، مشيرا الى انها تتابع الظواهر الاخلاقية السلبية. واضاف العيسى ل «القبس» ان اللجنة لا تدخل بيوت الناس او تلاحقهم وانما اختصاصاتها محددة ولاحظناها من المجلس السابق ولم نرصد اي ملاحظات سلبية على عجل اللجنة، مؤكدا ان اللجنة تنظر للظواهر العامة وليست الخاصة للناس. وقال «اذا هناك من يدعي ان اللجنة تدخلت في خصوصياته نتمنى ان يزودنا بذلك» مؤكدا ان اللجنة مستمرة في عملها وليست بشيء جديد. الدستورية: القضايا محددة والمجتمع يرفضها اكد عضو الامانة العامة في الحركة الدستورية النائب السابق مبارك الدويلة ان اللجنة حددت الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع الكويتي، مشيرا الى انها قضايا متفق عليها من قبل المجتمع ككل ويرفض انتشارها فيما بيننا، ومنها قضايا المخدرات والجنس الثالث وبيوت الدعارة والخمور والاستهتار والرعونة في المركبات واهمال الوالدين بعد كبر السن. وقال الدويلة ل «القبس» ان هذه الظواهر يرفضها الجميع ويجب التصدي لها لانها تسيء الى مجتمعنا المحافظ، متسائلا من يقبل بتفشي مثل هذه الظواهر فيما بيننا؟ واضاف ان هذه الظواهر السلبية يوجد عليها اجماع بخلاف القضايا الاخرى التي تدخل محل الخلاف والنقاش ومنها اقامة الحفلات في الاماكن العامة والسفور. وتطرق الدويلة الى الحفل الذي اقامه احد المستشفيات الخاصة قائلا ان هذا الحفل الذي اقيم في مرفق عام امر مرفوض واثره سيكون على الاخرين، متسائلا لماذا لم يقيموه في مرفق خاص لهم اذا كانوا يعتقدون بانه حرية شخصية. واكد الدويلة ان لجنة الظواهر هي بمثابة تنبيه الى اولياء الامور والمسؤولين في مختلف اجهزة الدولة حول خطورة الظواهر السلبية في مجتمعنا المحافظ. المعجل: المجتمع مستاء وعلى النواب إصلاح وضع البلاد قالت الكاتبة سعاد المعجل «تأسفت على هذه اللجنة التي انحصرت بالمرأة والحفلات فقط، متسائلة لماذا لم يتم التطرق الى التعدي على ممتلكات الدولة وسرقة المال العام وعدم التزام الموظف بعمله؟، والتي تعتبر من الظواهر السلبية، مبينة ان الحديث دائما يكون عن الملابس والامور الاخرى، فهذه تعتبر حقا من حقوق اي مواطن خصوصا ان لم يتجاوز اعراف المجتمع. وقالت المعجل، من خلال علاقتي في المجتمع وجدت استياء كبيراً خصوصا من جانب المحافظين، وهذا يدل على ان المواطن الكويتي قد وصل لدرجة من الوعي جعلته يعتبرها حقوقا يجب الا يتعدى عليها احد، مضيفة ان العمل الوطني والتنموي قد تقلص ليصل إلى هذا الوضع من خلال الطرح الذي اضر بالكويت بشكل عام. وأشارت المعجل الى انه قبل ان نحدد الظواهر السلبية، لا بد ان نتساءل لماذا الشباب يتوجهون الى من مثل «ستار اكاديمي»؟!، والاحتفال بعيد الحب، فلا بد ان يكون هناك دراسات لمعرفة الاسباب التي ادت لهذا الاتجاه ومن ثم نقوم بمتابعة هذه الظواهر. وتمنت المعجل ان يتحلى اعضاء مجلس الامة بالمسؤولية ويؤدون الامانة المفروضة عليهم بأسرع وقت في اصلاح الكويت التي توقفت منذ 18 عاما، ولم نجن منهم الا الوعود المتتابعة من قبلهم، ولا نرى فقط الا المتغنين بالتصدي لمحاربة الظواهر السلبية.