سؤال «ملغوم لأن الغالبية سترد بالقول ودون أي تردد أن المسألة محسومة لمصلحة الإنسان ولا تحتاج للتفكير.. بل ان البعض سيعتبر السؤال إهانة وتحقيراً للإنسان.. في حين سيقول آخرون، وهم – للعلم فقط – ليسوا قلة، ان فم الكلب أنظف من فم الإنسان على الرغم من نوعية طعام الكلب.. وعلى الرغم أيضاً من كافة محاولات الإنسان لتنظيف أسنانه والعناية بها. وبعد هذا السؤال، يأتي سؤال آخر لا يقل عنه دهاء.. أيهما أخطر عضّة الإنسان أم عضّة الكلب؟ هنا يأتي دور الأطباء المتخصصين.. ومنهم البروفسور كولين هادلي أستاذ جراحة الأسنان في جامعة بنسلفانيا الأميركية الذي يقول ان المقارنة خاطئة من الأساس لأنها أشبه بالسؤال التقليدي : أيها أفضل التفاح أم البرتقال.. فلكل منهما طعم مختلف، وبالتالي لا تجوز المقارنة أو المفاضلة بينهما. ويضيف ان فم الكلب غني جداً بأعداد لا تعد ولا تحصى من الجراثيم.. والشيء ذاته بالنسبة لفم الإنسان.. لكن نوعية الجراثيم هنا مختلفة في غالبيتها عن الجراثيم هناك.. والشيء الوحيد المشترك بينها هو أنها تسبب الكثير من الأمراض والالتهابات. وعلى سبيل المثال، يوجد في فم الإنسان نوع من الميكروبات عصوية الشكل من فصيلة بورفيروموناس، وهي تتجمع حول الأسنان.. تحيط بها من كل جانب.. تأكل اللثة، وتسبب في النهاية تخلخل الأسنان المصابة ومن ثم سقوطها.. والغريب أن الأبحاث الطبية أظهرت أن أفواه الكلاب تحوي نوعاً آخر لكن من الفصيلة ذاتها من الميكروبات.. وهذه أيضاً تحيط بالأسنان وتسبب في النهاية تخلخلها ومن ثم سقوطها.. نوعان مختلفان من الميكروبات لكن من الفصيلة ذاتها، والنتيجة واحدة.. الأول اسمه جينجيفاليس أما الثاني فاسمه غولا. ومن الملاحظات الجديرة بالاهتمام تلك المتعلقة بتسوس الأسنان، خاصة لدى الأطفال.. ففي دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في عام 2003 إشارة إلى أن تسعين في المئة من أطفال العالم مصابون بتسوس الأسنان، في حين تشير أبحاث الأطباء البيطريين إلى أن خمسة في المئة فقط من الكلاب مصابة بتسوس الأسنان.. الفرق شاسع جداً، والسبب حسب رأي غالبية المختصين يعود إلى ميكروب يعيش في أفواه البشر وأفواه الكلاب على حد سواء.. لكن هذا الميكروب والمسمى موتانز يتغذى على جزيئات السكر فيقسمها إلى نصفين، وينتج عن عملية الانقسام هذه سائل حمضي، مما يعني أن هذا الميكروب يحتاج لبيئة حمضية حتى يعيش، وهو ما يتوفر في فم الإنسان ، في حين أن بيئة فم الكلب أكثر قلوية وأقل حمضية من فم الإنسان. وماذا عن العض وأخطاره؟ البعض يؤكد أن عضّة الإنسان أكثر خطراً.. لكن الأطباء المختصين يؤكدون أن الخطر الناجم عن العض، بغض النظر عما إذا كان الفاعل إنساناً أو كلباً، يعتمد على نوعية البكتيريا الموجودة في الفم، وعلى عمق الجرح إذا ما انغرست الأسنان في الجسم.. لكن المهم في هذه الحالة هو تنظيف وتطهير مكان العضة فوراً وبأقصى ما يمكن من العناية والاهتمام، أما إذا اخترقت الأسنان العضلات فلا مفر من الذهاب في أقصى سرعة إلى أقرب مستشفى.