الأهرام: 7/5/2008 يكتسب موضوع رفع مستوي الأداء العلمي والبحثي في الجامعات أهمية كبري, حيث إن الكليات بالجامعات هي معقل التخصص في المهن الحالية كالطب والهندسة والقانون والاقتصاد وغيرها, التي يقوم عليها تقدم المجتمع وكيان الدولة الحديثة. وترجع مشكلة الجامعات الآن في مصر إلي القصور في قانون الجامعات, الذي لايقدم تحديدا لرسالة الجامعة, كما لا يحدد الإمكانات لتكوين الأستاذ الجامعي ولا لدوره في تقدم العلم والمجتمع. فقانون الجامعات بوضعه الحالي, وبعد إدخال تعديلات عليه, قد غير من طبيعة الكيان الجامعي العلمي إلي كيان حكومي تحكمه لوائح جامدة, جعلت العمل والترقية نظاما منغلقا علي نفسه, بحيث أصبح كل من حصل علي درجة الدكتوراه يسير في طابور الترقيات إلي أن يصل حتميا إلي الأستاذية بشروط ميسرة للجميع. والخطأ الآخر في قانون الجامعات هو الاكتفاء بدرجة الدكتوراه لوظيفة مدرس بالجامعة, دون أية متطلبات من حيث ممارسة المهنة فعليا واكتساب الخبرات المتجددة ونقلها إلي الجيل الجديد من الدارسين. وقد أدي ذلك خاصة في أغلب الكليات العملية كالهندسة مثلا إلي غياب التقدم الحديث في مجالات حية مثل هندسة الاتصالات من مناهج الدراسة. ولم يجد إدخال النظام المقترح لضبط جودة التعليم في رفع مستوي الخريجين, نظرا لغياب التقدم التكنولوجي الحديث من التدريس والبحوث العلمية بالجامعة, وذلك لعدم ممارسة أعضاء هيئة التدريس للمهنة فعليا قبل التحاقهم للعمل بالجامعة وا ختصار عملهم علي تدريس مناهج علوم ثابتة دون الالمام بالنظم والأساليب الهندسية في صناعات وخدمات الاتصالات. وينطبق ذلك علي عديد من التخصصات الأخري بالجامعة. وينتج عن ذلك علي سبيل المثال أن المهندس, خريج الجامعة بمصر في مجال هندسة الاتصالات, يحتاج إلي إعادة تعليمه حتي يتمكن من العمل في مجال تخصصه, وغالبا ما يقتصر ذلك علي التدريب العملي المحدود علي مهام مبسطة للصيانة والتشغيل بمستوي الفني أو مساعد المهندس, ولايرقي للمستوي الهندسي العالي لمسئوليات خريج الجامعة بعد دراسة دامت خمس سنوات, كما هو متبع في البلاد المتقدمة. وهنا تجدر الاشارة إلي أنه طبقا للمعايير العالمية, يعتبر القسم المتخصص في الكلية الجامعية مؤسسة إنتاجية, ذات برنامج سنوي للدراسات والبحوث, وميزانية مستقلة مخصصة لهذا الغرض, وتحديد أعضاء هيئة التدريس القائمين علي هذه البحوث. وينشر القسم المتخصص تقريرا سنويا عن تقدم ونتائج هذه البحوث, ويشمل ذلك جهات الصناعة والخدمات المستفيدة من هذه البحوث, وما حققته من نتائج, ولتحقيق ذلك يجب أن يشترط لشغل وظيفة الأستاذ إلي جانب البحوث العلمية ممارسة المهنة عمليا في مجالات الصناعة والخدمات لفترات طويلة. ويجب أن يكون التعيين لدرجة الأستاذ مفتوحا للمنافسة الحرة للكفاءات الممتازة المحققة للتفوق في ممارسة المهنة عمليا, من مصر ومن خارج مصر, ووضع لائحة مالية لجذب الأساتذة الممتازين للتدريس والبحوث وتكوين الجيل الجديد بالجامعات. ويتبع الاعلان لوظيفة أستاذ تشكيل لجنة للفحص يحددها مجلس القسم, تشمل عددا متساويا من أساتذة القسم مع عدد من خارج الجامعة في المجال المهني المطلوب. ويجب أن تهتم الدولة بتوفير فرص ووسائل تنمية الخبرات التخصصية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات في المجالات الجديدة, حيث يفوق ذلك القدرات المادية الفردية بالجامعات. ولما لهذه الخبرات من فاعلية قوية في تقدم الصناعات والخدمات بالمجتمع. وذلك يفوق في الأهمية إدخال نظام جودة التعليم الجامعي الذي لا يحقق أي تقدم في غياب الخبرة في التقدم العلمي والتكنولوجي من المناهج والبحوث بالجامعات, لتباعد الأساتذة عن ممارسة التخصص عمليا في الصناعات والخدمات في الوقت الحاضر, في ظل القانون الحالي للجامعات. لذا يفضل عدم الاقدام علي إنشاء جامعات جديدة, سواء حكومية أو أهلية خاصة قبل توافر أساتذة متخصصين في التخصصات المهمة لهم خبرات من عشر سنوات إلي خمسة عشر عاما في ممارسة المهنة المتخصصة, إلي جانب العمل الجامعي, بحيث تصبح هذه الجامعات إضافة حقيقية وفعالة لخدمة المجتمع, ودون الانتدابات من الجامعات الحكومية, حتي لاتتكرر نواحي القصور الحالية بالجامعات وضعف الخريجين, دون أية إضافة حضارية متميزة للمجتمع. كما يجب أن تقوم الحكومة بوضع القوانين واللوائح لتنظيم قواعد التعاون بين الجامعات والمؤسسات الحكومية والصناعات والخدمات, ويشمل ذلك أوجه الاستفادة من المساهمة الاجتماعية لهذه الشركات والمؤسسات في تمويل النشاط البحثي بالجامعات, كما هو متبع في البلاد المتقدمة. والملاحظ الآن أن شركات الاتصالات بمصر, ليس لها أي مساهمة فعالة ملموسة في مجال التعليم والبحوث في الجامعات في هندسة الاتصالات, علما بأن هذا المجال هو الذي يحقق لها الأرباح الطائلة والأغرب هو عدم اعتراض أي مسؤل عن هذا التقصير من هذه الشركات. من كل ما سبق, تتضح أهمية إصلاح قانون الجامعات بما يؤكد الدور الريادي لها في تطوير المجتمع لذلك يجب أن ينص القانون الجديد للجامعات علي تفرغ الأستاذ الكامل مقابل المرتب المناسب اجتماعيا لأداء الوظائف التي يجب أن يحددها القانون وهي تشمل إلي جانب التدريس متابعة التطور العلمي في مجال التخصص الدقيق والعام, وإجراء الدراسات العليا والبحوث بالاتفاق مع مؤسسات الانتاج والخدمات للحكومة والشركات, ووضع برنامج سنوي للحصول علي تمويل للجامعة بصورة ميزانية سنوية تتناسب مع حجم هذه الأعمال, لكل قسم بالكليات المختلفة, بما في ذلك المساحة الاجتماعية للشركات في تمويل الدراسات العليا والبحوث. ويجب أن تشمل قوانين الدولة إلزام الجهات الحكومية والصناعات والخدمات بأن تشمل ميزانياتها السنوية بندا خاصا ببرامج جامعية لتحديث التخصصات والدراسات العليا والبحوث, ووضع برامج للتعاون مع الجامعات لمصلحة التطوير والتقدم والمنافسة لهذه الجهات. ويجب أن ينص قانون الجامعات علي أن الدور الرئيسي للأستاذ الجامعي هو الإشراف علي مجموعة الأساتذة المساعدين والمدرسين في مجال واجبات التدريس والدراسات العليا والبحوث للقيام ببرامج محددة لمصلحة جهات الانتاج والخدمات, ويكون الأستاذ مسئولا عن أدائهم وتقدمهم العلمي والوظيفي بالجامعة. وسوف تؤدي كفاءة الأستاذ الجامعي بالمستوي التكنولوجي والعلمي إلي رفع مستوي الخريجين مما يؤدي إلي إقلال البطالة بين خريجي الجامعات. ويعود المركز القيادي للأستاذ الجامعي كمثل أعلي في زيادة التقدم الحضاري والمثل العليا بالمجتمع.